قد يقول قائل من النصارى إنّ ما قرّره آباء الكنيسة وما أثبته التقليد الكنسي, هو (1) مجرّد اجتهاد ظرفي, وهو (2) خاص بالبيئة التي عاش فيها السابقون!
الجواب:
هذا الاعتراض هو في حقيقته هروب من مواجهة الحقيقة؛ لأنّ:
? أقوال آباء الكنيسة, خاصة إذا كانت مما هو مجمع عليه بينهم, تعتبر مصدرًا من مصادر التشريع المعصوم في الكنيسة الكاثوليكيّة والكنائس الأرثودكسيّة.. ولم نر من الآباء من نصّ صراحة على إباحة كشف الرأس, وقد نقل النقّاد الغربيون-ممن لا صلة لهم بالإسلام- إجماع الآباء على هذه الفريضة.
? لو فرضنا-جدلاً- وجود أقوال لآباء آخرين يرون وجوب السفور أو استحبابه أو جوازه, فإنّ ذلك لا ينفي أنّ أعظم الآباء كانوا يرون وجوبه. والأصل أن يؤخذ قول أئمة آباء الكنيسة, ولا تتبّع الاجتهادات التي يقول بها قلّة –إن وجدت أصلاً-!
? تؤمن طائفة البروتستانت -الرافضة لقداسة أقوال آباء الكنيسة- بحتميّة تسديد الروح القدس لكلّ اجتهاد حتّى يوافق الصواب.. وهاقد علمنا أنّ الآباء الذين هم أئمة الكنيسة وعظماؤها وأطهر من فيها (كما هو مُعتقد أئمة البروتستانت أنفسهم) , قد أجمعوا على أمر الحجاب, فهل كان روح القدس غائبًا عنهم لمّا قالوا ما قالوا؟!!
? لا توجد أيّة حجّة من كلام آباء الكنيسة أنهم كانوا يفتون لواقعهم فقط؛ بل كانت أقوالهم صريحة في أنّ اللباس الذي يتحدثون في شأنه, هو لباس المرأة في كلّ زمان ومكان.. وهو أيضًا نفس الأمر فيما يتعلّق بالتشريع الكنسي المبكّر..
? العلّة الكبرى لضبط الآباء لحدود اللباس الشرعي للمرأة في النصرانيّة, هي منع الفتنة وردع التسيّب الجنسي, وهي علّة لا ينسخها تغيّر الزمان ولا تبدلّ المكان؛ لأنّ الفتنة بين الرجال والنساء, هي نفس الفتنة في كلّ زمان ومكان, ولأنّ الانحلال الجنسي مرذول في كل وقت وبيئة..
السؤال الذي يلحّ في فرض نفسه الآن هو: لماذا لا ترتدي المرأة النصرانية الأرثودكسية في مصر النقاب -أو تغطي جسدها كلّه عدا الوجه-؛ مادام الحكم بوجوب التقيّد بالحجاب قد ورد بصيغة