الهدي بعيداً عن متناول الفقراء فيفسد ذلك اللحم ويذهب هدرًا، وللشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى كلام مُسّددٌ حَول هذه القضية قال رحمه الله تعالى ما نصه1:
"اعلم أن ما يفعله كثير من الحجاج الذين يزعمون التقرب بالهدي، يوم النحر من ذبح الغنم في أماكن متفرقة من منى لا يقدر الفقراء على الوصول إليها، والتمكن منها، وتركها مذبوحة ليس بقربها فقير ينتفع بها، وتضيع تلك الغنم بكثرة وتنتفخ وينتشر نتن ريحها في أقطار مني، حتى يعم أرجاءها النتن كأنه نتن الجيف أن كل ذلك لا يجوز وهو إلى المعصية أقرب منه إلى الطاعة، ولا يجوز لمن بسط الله يده إقرارهم على ذلك، لأنه فساد وأذية لسائر الحجاج بالروائح المنتنة، وإضاعة للمال، وإفساد له باسم التقرب إلى الله، ودواء ذلك الداء المنتشر في منى كل سنة أن يعلم كل مهد وكل مضح: أنه يلزمه إيصال لحم ما يتقرب به إلى الفقراء، فعليه إذا ذبحها أن يؤجر من يسلخها طرية حين ذبحها أو يسلخها هو، ويحملها بنفسه أو بأجرة، حتى يوصلها إلى المستحقين، لأن الله يقول {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} ويقول {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} ولا يمكنه إطعام أحد ممن أمره الله بإطعامهم إلا بإيصال ذلك إليهم، ولو اجتهد في إيصاله إليهم، لأمكنه ذلك لأنه قادر عليه