ويتشاورون، ويحلون مشاكلهم وفي الحج رياضة للأبدان وصحة لها، وفيه يتفكر المسلم في مخلوقات الله في الأرض والأنفس على اختلاف ألوانها وأجناسها ولغاتها {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ} [الروم:22] وفي هذه الأيام يتجه المسلمون إلى بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج تاركين في سبيل ذلك أوطانهم وأولادهم وأموالهم متجهين إلى مكان واحد في وقت واحد قاصدين رباً واحداً وهدفاً واحداً، فإذا وصلوا إلى الميقات خلعوا ثيابهم ولبس كل واحد منهم إزاراً ورداءًا كأنها أكفان الموتى وكأنهم مسافرون إلى الآخرة لا فرق في ذلك بين الصغير والكبير والغني والفقير والرئيس والمرؤوس، وكذلك يستوي في هذا الشعار المتواضع النجدي والشامي واليمني والمغربي والهندي والعربي والعجمي.. فالكل جاء يقطع البلاد جوًا وبرًا وبحرًا لحضور هذا الاجتماع الإسلامي الكبير استجابة لنداء الله على لسان خليله وشوقاً إلى لقائه فيدخلون في حرم الله محرمين خاضعين خاشعين متذللين قد تركوا مألوفاتهم واتجهوا إلى الله بقلوبهم وأبدانهم فيترددون في تلك المشاعر العظيمة من الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار وذبح الهدي على اسم الله والحلق أو التقصير والمبيت بمنى إلى أن يودعوا البيت كل ذلك بقلوب خاشعة وأعين دامعة وألسنة ملبية مكبرة مهللة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015