فأمروا أن لا يشربوا خمرا، ولا يقتلوا نفسا، ولا يزنوا، ولا يسجدوا لوثن، فاستقال منهم واحد فأقيل، وأهبط اثنان إلى الأرض، فأتتهما امرأة من أحسن الناس يقال لها أناهيد، فهوياها جميعا ثم أتيا منزلها فاجتمعا عندها فارادها، فقالت لهما: لا حتى تشربا خمرى وتقتلا ابن جارى وتسجدا لوثنى فقالا: لا نسجد ثم شربا من الخمر ثم قتلا ثم سجدا فأشرف أهل السماء عليهما وقالت لهما: أخبرانى بالكلمة التي إذا قلتماها طرتما فأخبراها فطارت فمسخت جمرة وهي هذه الزهرة، وأما هما فأرسل إليهما سليمان بن داود فخيرهما بين عذاب الدنيا والآخرة فاختارا عذاب الدنيا فهما مناطان بين السماء والأرض.
وأخرج ابن المنذر وابن أبى حاتم والحاكم وصححه والبيهقى فى شعب الإيمان عن ابن عباس قال: لما وقع الناس من بعد آدم فيما وقعوا فيه من المعاصي والكفر بالله قالت الملائكة في السماء: رب إن هذا العالم الذي إنما خلقتهم لعبادتك وطاعتك قد وقعوا فيما وقعوا فيه، وركب الكفر، وقتل النفس، وأكل مال الحرام، والزنا، والسرقة، وشرب الخمر، فجعلوا يدعون عليهم ولا يعذرونهم، فقيل إنهم في غيب، فلم يعذروهم فقيل لهم: اختاروا منكم من أفضلكم ملكين آمرهما وأنهاهما فاختاروا هاروت وماروت، فأهبطا إلى الأرض وجعل لهما شهوات بنى آدم وأمرهما أن يعبداه ولا يشركا به شيئا ونهاهما عن قتل النفس الحرام، وأكل مال الحرام، وعن الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، فلبثا في الأرض زمانا يحكمان بين الناس بالحق، وذلك في زمان إدريس وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في النساء كحسن الزهرة في سائر الكواكب، وأنهما أتيا عليها فخضعا لها في القول وأراداها على نفسها فابت إلا أن يكونا على أمرها ودينها فسالاها عن دينها فأخرجت لهما صنما فقالت: هذا أعبده فقالا: لا حاجة لنا في عبادة هذا، فذهبا فغابا ما شاء الله، ثم أتيا عليها فأراداها على نفسها