الْجَوَابُ: النَّصْبُ فِي مِثْلِ هَذَا وَاجِبٌ، لَكِنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَقَعَ نَكِرَةً، وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ حَالٌ أَوْ تَمْيِيزٌ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
أَلَا حَبَّذَا قَوْمًا سُلَيْمٌ فَإِنَّهُ
وَقَوْلِ الْآخَرِ:
حَبَّذَا الصَّبْرَ شِيمَةٌ لِامْرِئٍ رَامَ ... مُبَارَاةً مُولَعٍ بِالْمَعَالِي
فَتَعْرِيفُهُ إِمَّا عَلَى حَدِّ تَعْرِيفِ الْحَالِ فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزَّ مِنْهَا الْأَذَلُّ) أَوِ التَّمْيِيزِ فِي قَوْلِهِ: وَطِبْتَ النَّفْسَ يَا قَيْسَ عَنْ عَمْرٍو. لَكِنْ يُحْتَاجُ إِلَى ثُبُوتِ أَنَّ النُّحَاةَ يُجِيزُونَ وُقُوعَ الْمَعْرُوفِ بَعْدَ حَبَّذَا قَبْلَ مَخْصُوصِهَا أَوْ بَعْدَهُ، وَهُوَ شَيْءٌ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ.
مَسْأَلَةٌ: فِي قَوْلِ بَعْضِ الشُّعَرَاءِ:
خُذُوا قَوْدِيَ مِنْ أَسِيرِ الْكِلَلِ ... فَوَاعَجَبًا مَنْ أَسِيرٍ قَتَلَ
هَلِ الْمُرَادُ بِهِ الْجُفُونُ؟
الْجَوَابُ: الْكِلَلُ هُنَا جَمْعُ كِلَّةٍ، وَهِيَ سِتْرٌ مُرَبَّعٌ، وَقَالَ الهروي: هُوَ سِتْرٌ رَقِيقٌ يُخَاطُ كَالْبَيْتِ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْهَوْدَجِ وَالصَّوَامِعِ وَالْقِبَابِ، وَلَا يَصِحُّ إِرَادَةُ الْجُفُونِ هُنَا ; لِأَنَّ الشَّاعِرَ أَرَادَ بِالْأَسِيرِ هُنَا الْمَرْأَةَ الْمُخَدَّرَةَ الْمَحْجُوبَةَ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ أَسِيرَةً لِجُفُونِهَا، وَإِنَّمَا أَسِيرُ جُفُونِهَا هُوَ الشَّاعِرُ نَفْسُهُ:
مَسْأَلَةٌ:
يَا مَنْ غَدَا بِمَرَاحِ الصَّرْفِ مَشْغُولًا ... وَحَازَ مَا فِيهِ مَنْقُولًا وَمَعْقُولًا
مَا الرَّاحُ سَابِقُ رَحْرَاحٍ بِخُطْبَتِهِ ... أَفِدْهُ مِنْ لُغَةٍ بَقِيتَ مَنْقُولًا
مُوَافِقًا قَالَ الشُّرُوحَ فَكَمْ ... مِنْ فَاضِلٍ صَارَ بِالْإِفْضَالِ مَشْمُولًا
وَقَوْلُهُ قِيلَ مَرْدُوفًا بِآخِرِهِ ... بِأَجْوَفَ فِي بِنَاءِ الْفِعْلِ مَجْهُولًا
فَإِنَّ مَعْلُومَهُ قَدْ صَرَّفُوهُ إِلَى ... حَدٍّ وَيَقْصُرُ ذَا عَنْ حَدِّهِ طُولًا
فِي بَادِئِ الرَّأْيِ يَا مَنْ لَا نَظِيرَ لَهُ ... وَمَنْ يُرَى عَنْ خَفَايَا الْعِلْمِ مَسْئُولًا
لَا زِلْتَ فِي نِعْمَةٍ تُبْدِي الْعُلُومَ لِمَنْ ... بِالْحَقِّ يَعْلَمُ مَا تُبْدِيهِ مَنْقُولًا
الْجَوَابُ:
لِلَّهِ حَمْدًا أَتَى بِالذِّكْرِ مَشْمُولًا ... مِنْ مُخْلِصٍ لَا يُرَى بِالْغِشِّ مَعْلُولًا
ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَى الْهَادِي وَعِتْرَتِهِ ... وَصَحْبِهِ الْغُرِّ وَالتَّسْلِيمُ مَنْحُولًا