اللَّهُ عَنْهُ، وَوَلَدَتْ لَهُ زيدا ورقية، وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ ابْنُ عَمِّهَا عون بن جعفر بن أبي طالب فَمَاتَ عَنْهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ أَخُوهُ محمد فَمَاتَ عَنْهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ أَخُوهُ عبد الله بن جعفر فَمَاتَتْ عِنْدَهُ، وَلَمْ تَلِدْ لِأَحَدٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ شَيْئًا، وَأَمَّا زينب، فَتَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا عبد الله بن جعفر فَوَلَدَتْ لَهُ عليا، وعونا الْأَكْبَرَ، وعباسا، ومحمدا، وأم كلثوم.
مَسْأَلَةٌ: أَوْلَادُ زَيْنَبَ الْمَذْكُورَةِ مِنْ عبد الله بن جعفر مَوْجُودُونَ بِكَثْرَةٍ، وَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِمْ مِنْ عَشَرَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُمْ مِنْ آلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلِ بَيْتِهِ بِالْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّ آلَهُ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا فَقَالَ: " أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي " ثَلَاثًا فَقِيلَ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟ قَالَ: أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حَرَّمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ، قِيلَ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: آلُ عَلِيٍّ، وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ.
» الثَّانِي: أَنَّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَأَوْلَادِهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَهَذَا الْمَعْنَى أَخَصُّ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ.
قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي التَّهْذِيبِ: أَوْلَادُ بَنَاتِ الْإِنْسَانِ لَا يُنْسَبُونَ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانُوا مَعْدُودِينَ فِي ذُرِّيَّتِهِ حَتَّى لَوْ أَوْصَى لِأَوْلَادِ أَوْلَادِ فُلَانٍ يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبِنْتِ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ هَلْ يُشَارِكُونَ أَوْلَادَ الحسن، والحسين فِي أَنَّهُمْ يُنْسَبُونَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَالْجَوَابُ لَا، وَهَذَا الْمَعْنَى أَخَصُّ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي قَبْلَهُ.
وَقَدْ فَرَّقَ الْفُقَهَاءُ بَيْنَ مَنْ يُسَمَّى وَلَدًا لِلرَّجُلِ وَبَيْنَ مَنْ يُنْسَبُ إِلَيْهِ ; وَلِهَذَا قَالُوا: لَوْ قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي دَخَلَ وَلَدُ الْبِنْتِ، وَلَوْ قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إِلَيَّ مِنْ أَوْلَادِي لَمْ يَدْخُلْ وَلَدُ الْبِنْتِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُنْسَبُ إِلَيْهِ أَوْلَادُ بَنَاتِهِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا مِثْلَ ذَلِكَ فِي أَوْلَادِ بَنَاتِ بَنَاتِهِ، فَالْخُصُوصِيَّةُ لِلطَّبَقَةِ الْعُلْيَا فَقَطْ، فَأَوْلَادُ فاطمة الْأَرْبَعَةُ يُنْسَبُونَ إِلَيْهِ، أَوْلَادُ الحسن والحسين يُنْسَبُونَ إِلَيْهِمَا، فَيُنْسَبُونَ إِلَيْهِ، وَأَوْلَادُ زينب وأم كلثوم يُنْسَبُونَ إِلَى أَبِيهِمْ عمر وعبد الله لَا إِلَى الْأُمِّ إِلَى أَبِيهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ بِنْتِ بِنْتِهِ لَا أَوْلَادُ بِنْتِهِ، فَجَرَى الْأَمْرُ فِيهِمْ عَلَى قَاعِدَةِ الشَّرْعِ فِي أَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أَبَاهُ فِي النَّسَبِ لَا أُمَّهُ، وَإِنَّمَا خَرَجَ أَوْلَادُ فاطمة وَحْدَهَا لِلْخُصُوصِيَّةِ الَّتِي وَرَدَ الْحَدِيثُ بِهَا، وَهُوَ مَقْصُورٌ عَلَى ذُرِّيَّةِ الحسن والحسين.
أَخْرَجَ الحاكم فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ جابر قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ بَنِي أُمٍّ عَصَبَةٌ إِلَّا ابْنَيْ فاطمة أَنَا وَلِيُّهُمَا وَعَصَبَتُهُمَا» .
وَأَخْرَجَ أبو يعلى فِي مُسْنَدِهِ عَنْ فاطمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ بَنِي أُمٍّ عَصَبَةٌ إِلَّا ابْنَيْ فاطمة أَنَا وَلِيُّهُمَا وَعَصَبَتُهُمَا» فَانْظُرْ إِلَى لَفْظِ الْحَدِيثِ كَيْفَ خَصَّ الِانْتِسَابَ وَالتَّعْصِيبَ بالحسن والحسين، دُونَ أُخْتَيْهِمَا لِأَنَّ أَوْلَادَ أُخْتَيْهِمَا إِنَّمَا يُنْسَبُونَ إِلَى آبَائِهِمْ. وَلِهَذَا جَرَى السَّلَفُ وَالْخَلَفُ