الحاوي للفتاوي (صفحة 456)

الْحَظُّ فِي الدُّنْيَا بِالْمَالِ أَوِ الْوَلَدِ أَوِ الْعَظَمَةِ أَوِ السُّلْطَانِ، وَالْمَعْنَى: لَا يُنْجِيهِ حَظُّهُ مِنْكَ وَإِنَّمَا يُنْجِيهِ فَضْلُكَ وَرَحْمَتُكَ.

مَسْأَلَةٌ:

مَاذَا الْجَوَابُ مِنَ الْبَحْرِ الْمُفِيدِ لَنَا ... فِي مُشْكِلٍ وَإِلَيْهِ يُهْرَعُ الْبَشَرُ

عِنْدَ الْحَوَادِثِ أَنْ قَالَ الْأَكَابِرُ لَا ... تُفْتَى وَقَصَّرَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ نَظَرُ

فِي الْكَاسِ وَالطَّاسِ وَالسَّاقِي وَشَارِبِهِمْ ... وَفِي النَّدِيمِ وَقَوْلٍ قَالَهُ عمر

أَعْنِي بِهِ الْعَالِمَ الْمَعْرُوفَ نِسْبَتُهُ ... لِفَارِضٍ قَبْرُهُ بِالسُّحْبِ مُنْهَمِرُ

فِي سَقْيِهِ مِنْ حُمَيَّا كَأْسِ خَمْرَتِهِ ... مَا الصَّفْوُ مَا سُقْيُهُ مَا الْكَاسُ مَا الْخَمْرُ

وَأَهْلُ مَكَّةَ قَالُوا فِي سُؤَالِهِمُ ... بِالْهَاشِمِيِّ الْمُصْطَفَى لَمَّا لَهُ حَضَرُوا

قُبَيْلَ خَلْقِ السَّمَا وَالْأَرْضِ أَيْنَ ثَوَى ... إِلَهُكَ الْحَقُّ يَا مُخْتَارُ يَا طَهِرُ

أَجَابَهُمْ فِي عَمَاءٍ كَانَ وَهْوَ كَذَا ... مَا هُوَ الْعَمَاءُ وَمَا مَعْنَاهُ يَا مَهِرُ

وَمَنْ تَوَالَدَ مَخْتُونًا وَعِدَّتُهُمْ ... فِي الْأَنْبِيَاءِ سِوَى طَهَ وَهَلْ حُصِرُوا

بِالْفَضْلِ مِنْكَ أَجِبْ هَذَا السُّؤَالَ بَدَا ... قَدِمًا تَصَوُّرُهُ بِالنَّقْلِ مُشْتَهِرُ

بَيْنَ الْأَكَابِرِ لَكِنْ لَا جَوَابَ لَهُمْ ... عَلَيْهِ يَا عَالِمًا أَلْفَاظُهُ دُرَرُ

وَحَازَ كُلَّ فَخَارٍ بِالْعُلُومِ وَقَدْ ... أَضْحَتْ بِهِ مِصْرُ تَزْهُو ثُمَّ تَفْتَخِرُ

الْجَوَابُ: أَمَّا قَوْلُ وَلِيِّ اللَّهِ الشَّيْخِ [الْعَارِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى] عُمَرَ بْنِ الْفَارِضِ، فَلَا نَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ، بَلْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ مَعْنَاهُ فَلْيَجُعْ جُوعَهُ وَيَسْهَرْ سَهَرَهُ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ.

وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَهُوَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي لَا يُخَاضُ فِي مَعْنَاهُ، قَالَ أبو عبيد فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ: لَا نَدْرِي كَيْفَ كَانَ ذَلِكَ الْعَمَاءُ، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ أَمْرٍ لَا تُدْرِكُهُ عُقُولُ بَنِي آدَمَ وَلَا يَبْلُغُ كُنْهَهُ الْوَصْفُ وَالْفَطِنُ، وَقَالَ الأزهري: نَحْنُ نُؤْمِنُ بِهِ وَلَا نُكَيِّفُهُ بِصِفَةٍ. وَأَمَّا مَنْ خُلِقَ مَخْتُونًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَسَبْعَةَ عَشَرَ: آدَمُ وَشِيثُ وَإِدْرِيسُ وَنُوحٌ وَسَامٌ وَلُوطٌ وَيُوسُفُ وَمُوسَى وَشُعَيْبٌ وَسُلَيْمَانُ وَهُودٌ وَصَالِحٌ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وحنظلة بن صفوان، وَخَاتَمُهُمْ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

مَسْأَلَةٌ: هَلْ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " «اللَّهُمَّ مَنْ دَعَوْتُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ أَوْ سَبَبْتُهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَاجْعَلْهُ رَحْمَةً لَهُ» " وَمَا التَّوْفِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقِ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ» " فَإِنَّهُ يَنْحَلُّ وَيُؤَوَّلُ إِلَى الدُّعَاءِ لَهُمْ لَا عَلَيْهِمْ، وَهُوَ لَا يَدْعُو لِمَنْ يُؤْذِي الْمُسْلِمِينَ وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015