مَسْأَلَةٌ: فِي رَجُلٍ بِيَدِهِ حَجَرُ بِلَّوْرٍ يَقْعُدُ عَلَى الطُّرُقَاتِ وَيَقُولُ: الْأَحْجَارُ سَلَّمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا الْحَجَرُ مِنْ جِنْسِ الْأَحْجَارِ الَّتِي سَلَّمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: كَذَبْتَ، هَذَا الْحَجَرُ مَا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مِنْ جِنْسِهِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، فَأَيُّهُمَا الْمُخْطِئُ وَالْمُصِيبُ؟ وَهَلِ الْأَحْجَارُ إِذَا سَمِعَتْ صَوْتَ الْمُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ تُصَلِّي عَلَيْهِ بِلِسَانِ الْحَالِ، كَمَا وَرَدَ أَنَّ مَنْ كَتَبَ اسْمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَرَقِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ لَا تَزَالُ تِلْكَ الْأَحْرُفُ تُصَلِّي مَا دَامَتْ تِلْكَ الْأَحْرُفُ مَكْتُوبَةً؟ وَهَلْ ثَبَتَ أَنَّ الْحَجَرَ سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
الْجَوَابُ: ثَبَتَ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ أَنَّ الْأَحْجَارَ سَلَّمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَكِنِ الْبِلَّوْرُ بِخُصُوصِهِ لَمْ يَرِدْ فِيهِ حَدِيثٌ وَلَمْ يَرِدْ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَحْجَارَ إِذَا سَمِعَتِ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ تُصَلِّي عَلَيْهِ، وَلَا وَرَدَ أَيْضًا أَنَّ مَنْ كَتَبَ اسْمَهُ الشَّرِيفَ فِي الْوَرَقِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ تُصَلِّي عَلَيْهِ تِلْكَ الْأَحْرُفُ، وَإِنَّمَا الْوَارِدُ: «مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ فِي كِتَابٍ لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ - أَيْ عَلَى الْمُصَلِّي - مَا دَامَ اسْمُهُ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» .
مَسْأَلَةٌ: فِي خَبَرٍ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ الْأَجْسَادِ بِأَلْفَيْ عَامٍ» ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ الْأَجْسَادِ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ سَنَةٍ، وَخَلَقَ الْأَرْزَاقَ قَبْلَ الْأَرْوَاحِ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ سَنَةٍ، مَا الْجَوَابُ عَنِ التَّعَارُضِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ؟
الْجَوَابُ: إِنَّمَا يُطْلَبُ الْجَوَابُ عَنِ التَّعَارُضِ بَيْنَ حَدِيثَيْنِ ثَابِتَيْنِ، وَهَذَانَ الْحَدِيثَانِ غَيْرُ ثَابِتَيْنِ، أَمَّا الثَّانِي فَبَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَوَرَدَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ جِدًّا، فَلَا نُعَوِّلُ عَلَيْهِ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ أَنَّ اللَّهَ قَدَّرَ الْمَقَادِيرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَذَلِكَ شَامِلٌ لِلْأَرْزَاقِ.
مَسْأَلَةٌ: فِي أَخْبَارٍ وَرَدَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ «احْتَجَمَ فِي الْأَخْدَعَيْنِ وَبَيْنَ الْكَتِفَيْنِ» ، وَقِيلَ: فِي الْأَخْدَعَيْنِ وَالْكَاهِلِ، وَقِيلَ: وَهُوَ مُحْرِمٌ بِمُشَلَّلٍ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ، مَا الْجَوَابُ عَنِ الْأَخْدَعَيْنِ وَالْكَاهِلِ وَعَنِ الْقَوْلِ الثَّالِثِ؟
الْجَوَابُ: الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَخْرَجَهُ أبو داود عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «احْتَجَمَ ثَلَاثًا فِي الْأَخْدَعَيْنِ وَالْكَاهِلِ» ، قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: الْأَخْدَعَانِ: عِرْقَانِ فِي جَانِبَيِ الْعُنُقِ، وَالْكَاهِلُ مُقَدَّمُ أَعْلَى الظَّهْرِ، وَقَالَ الجوهري فِي الصِّحَاحِ: الْأَخْدَعُ: عِرْقٌ، وَهُوَ شُعْبَةٌ مِنَ الْوَرِيدِ، وَهُمَا أَخْدَعَانِ، وَرُبَّمَا وَقَعَتِ الشَّرْطَةُ عَلَى أَحَدِهِمَا فَيَنْزِفُ صَاحِبُهُ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي