الحاوي للفتاوي (صفحة 409)

وَإِنْ كَانَ هُوَ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; لِأَنَّ فَصَاحَتَهُ الْعَظِيمَةَ تَقْتَضِي ذَلِكَ، وَأَمَّا هَلْ يُشْتَرَطُ الْجَزْمُ؟ فَجَوَابُهُ: لَا، بَلْ لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ بِالْحَرَكَةِ صَحَّ تَكْبِيرُهُ وَانْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ ; لِأَنَّ قُصَارَى أَمْرِهِ أَنَّهُ صَرَّحَ بِالْحَرَكَةِ فِي حَالَةِ الْوَقْفِ، وَهُوَ دُونَ اللَّحْنِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ لَحَنَ بِأَنْ نَصَبَ الْجَلَالَةَ مَثَلًا، لَمْ يَضُرَّهُ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ، كَمَا لَوْ لَحَنَ فِي الْفَاتِحَةِ لَحْنًا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى ; فَإِنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، كَمَا هُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا هَلْ لِلشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَصٌّ فِي ذَلِكَ؟ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَمْ يَنُصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ غَالِبُ الْأَصْحَابِ اكْتِفَاءً بِمَا نَصُّوا عَلَيْهِ فِي اللَّحْنِ فِي الْقِرَاءَةِ، وَمَنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ كالمحب الطبري فَكَلَامُهُ فِي الِاسْتِحْبَابِ لَا فِي الِاشْتِرَاطِ، بِقَرِينَةِ ذِكْرِ ذَلِكَ مَعَ مَسْأَلَةِ الْمَدِّ، وَمَدُّ التَّكْبِيرِ لَا يُبْطِلُ بِلَا خِلَافٍ، وَحَذْفُهُ سُنَّةٌ بِلَا خِلَافٍ، نَعَمْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى جَزْمِ التَّكْبِيرِ بِمَعْنَى حَذْفِهِ وَعَدَمِ مَدِّهِ وَتَمْطِيطِهِ.

[الْمَصَابِيحُ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى. وَبَعْدُ، فَقَدْ سُئِلْتُ مَرَّاتٍ: هَلْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّرَاوِيحَ وَهِيَ الْعِشْرُونَ رَكْعَةً الْمَعْهُودَةَ الْآنَ؟ وَأَنَا أُجِيبُ بِلَا، وَلَا يُقْنَعُ مِنِّي بِذَلِكَ، فَأَرَدْتُ تَحْرِيرَ الْقَوْلِ فِيهَا، فَأَقُولُ: الَّذِي وَرَدَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ وَالْحِسَانُ وَالضَّعِيفَةُ الْأَمْرُ بِقِيَامِ رَمَضَانَ، وَالتَّرْغِيبُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ بِعَدَدٍ، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَإِنَّمَا صَلَّى لَيَالِيَ صَلَاةً لَمْ يُذْكَرْ عَدَدُهَا ثُمَّ تَأَخَّرَ فِي اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ ; خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْهِمْ فَيَعْجِزُوا عَنْهَا، وَقَدْ تَمَسَّكَ بَعْضُ مَنْ أَثْبَتَ ذَلِكَ بِحَدِيثٍ وَرَدَ فِيهِ، لَا يَصْلُحُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، وَأَنَا أُورِدُهُ وَأُبَيِّنُ وَهَاءَهُ، ثُمَّ أُبَيِّنُ مَا ثَبَتَ بِخِلَافِهِ. رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، أَنَا إبراهيم بن عثمان، عَنِ الحكم بن مقسم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَالْوَتْرَ» " أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي مُسْنَدِهِ: ثَنَا أبو نعيم، ثَنَا أَبُو شيبة - يعني إبراهيم بن عثمان - بِهِ، وَأَخْرَجَهُ الْبَغَوِيُّ فِي مُعْجَمِهِ: ثَنَا منصور بن أبي مزاحم، ثَنَا أبو شيبة بِهِ، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، أَيْ مِنْ طَرِيقِ أبي شيبة أَيْضًا , قُلْتُ: هَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ جِدًّا لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ، قَالَ الذهبي فِي الْمِيزَانِ: إبراهيم بن عثمان أبو شيبة الكوفي قاضي واسط يَرْوِي عَنْ زَوْجِ أُمِّهِ الحكم بن عيينة، كَذَّبَهُ شُعْبَةُ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: سَكَتُوا عَنْهُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015