الحاوي للفتاوي (صفحة 398)

الفتاوى الحديثية

كتاب الطهارة

مسائل متفرقة

[الْفَتَاوَى الْحَدِيثِيَّةُ] [كِتَابُ الطَّهَارَةِ] [مسائل متفرقة]

كِتَابُ الطَّهَارَةِ

مَسْأَلَةٌ: مَا قَوْلُكُمْ فِي حَدِيثِ: " «مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ» " أَخْرَجَهُ أبو داود وَالتِّرْمِذِيُّ، هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَوْ ضَعِيفٌ؟ وَمَا وَجْهُ ضَعْفِهِ مِنْ جِهَةِ الرِّوَايَةِ أَوِ الْمَعْنَى؟ وَكَذَا حَدِيثُ: " «الْوُضُوءُ عَلَى الْوُضُوءِ نُورٌ عَلَى نُورٍ» " هَلْ خَرَّجَهُ أَحَدٌ؟ فَإِنَّ المنذري فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ قَالَ: لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ خَرَّجَهُ، وَلَعَلَّهُ مِنْ كَلَامِ السَّلَفِ، وَالْمَسْئُولُ: الْكَلَامُ عَلَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَتَبْيِينُ صِحَّتِهِمَا وَمَعَانِيهِمَا.

الْجَوَابُ: الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ ضَعِيفٌ، صَرَّحَ بِضَعْفِهِ جَمَاعَةٌ، وَسَبَبُهُ أَنَّ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ الْأَفْرِيقِيَّ، ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ، وَقَالَ الْإِمَامُ أحمد: نَحْنُ لَا نَرْوِي عَنْهُ شَيْئًا، لَكِنْ أبو داود إِذْ رَوَاهُ سَكَتَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُضَعِّفْهُ، وَقَدْ قَالَ: إِنَّ مَا رُوِّيتُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَلَمْ أُضَعِّفْهُ فَهُوَ صَالِحٌ - يَعْنِي لِلِاحْتِجَاجِ - وَالصَّالِحُ لَهُ إِمَّا صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ عِنْدَهُ حَسَنًا ; لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ لَمْ يُتَّفَقْ عَلَى ضَعْفِهِ، فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ الثَّوْرِيُّ يُعَظِّمُهُ وَيَعْرِفُ حَقَّهُ، لَكِنَّ الْمَشْهُورَ تَضْعِيفُ الْحَدِيثِ، وَأَمَّا مَعْنَاهُ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالْوُضُوءُ حَسَنَةٌ، فَمَنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا، ثُمَّ إِنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ " كُتِبَ لَهُ " بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي فَلَمْ نَرَ أَحَدًا أَخْرَجَهُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ المنذري، وَكَذَا قَالَ الحافظ زين الدين العراقي فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْإِحْيَاءِ، لَكِنْ قَالَ الْحَافِظُ ابن حجر: إِنَّ رزينا أَوْرَدَهُ فِي كِتَابِهِ، وَمَعْنَاهُ أَيْضًا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ يُكْسِبُ أَعْضَاءَهُ نُورًا، وَلِهَذَا قِيلَ: إِنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْوَضَاءَةِ، وَدَلِيلُهُ قَضِيَّةُ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ، فَكَانَ الْوُضُوءُ عَلَى الْوُضُوءِ يُقَوِّي ذَلِكَ النُّورَ وَيَزِيدُهُ ; إِذْ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ مِنَ الْحَدَثِ مَا يَقْتَضِي سَتْرَهُ، وَقَدْ كَانَ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ شرف الدين المناوي يَذْكُرُ لَنَا أَنَّ الصَّالِحِينَ يُشَاهِدُونَ الْحَدَثَ عَلَى الْأَعْضَاءِ وَيُرَتِّبُونَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى ذَلِكَ.

مَسْأَلَةٌ: هَلْ وَرَدَ حَدِيثٌ فِي قِرَاءَةِ سُورَةِ الْقَدْرِ بَعْدَ الْوُضُوءِ؟ وَمَا حَالُهُ؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015