الحاوي الكبير (صفحة 985)

الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بيضٍ رياطٍ سُحُولِيَّةٍ، فَالرِّيَاطُ هِيَ الْأُزُرُ الْبِيضُ الْخِفَافُ الَّتِي لَا فق فِيهَا وَلَا خِيَاطَةَ، وَالسُّحُولِيَّةُ الْمَنْسُوبَةُ إِلَى قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْيَمَنِ يُقَالُ لَهَا سُحُولُ، وَيُخْتَارُ أَنْ تَكُونَ الثِّيَابُ الْبَيَاضُ جُدُدًا لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ، وَاخْتَارَ مَالِكٌ الْعِمَامَةَ لِلْمَيِّتِ رجلاً كانت أَوِ امْرَأَةً، وَاخْتَارَ أبو حنيفة الْقَمِيصَ.

فَأَمَّا مَالِكٌ فَإِنَّهُ عَوَّلَ عَلَى أَنَّهُ فِعْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ عُمِّمَ فِي كَفَنِهِ.

وَأَمَّا أبو حنيفة فَإِنَّهُ اسْتَدَلَّ بِمَا رُوِيَ عَنِ " النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ كُفِّنَ فِي قَمِيصٍ "، وَلِأَنَّهُ أَجْمَلُ زِيِّ الْأَحْيَاءِ فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سُنَّةً فِي الْمَوْتَى كَالْإِزَارِ.

وَكِلَا الْمَذْهَبَيْنِ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِرِوَايَةِ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قيمصٌ وَلَا عمامةٌ " وَلِأَنَّهُ مَلْبُوسٌ مُنِعَ مِنْهُ الْمُحْرِمُ فَوَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ مِنْهُ الْمَيِّتُ كَالسَّرَاوِيلِ، فَأَمَّا تَعْمِيمُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِنَّمَا كَانَتْ عِصَابَةً شَدَّ بِهَا رَأْسَهُ لِأَجْلِ الضَّرْبَةِ الَّتِي كَانَتْ بِهِ وَأَمَّا مَا رُوِيَ أَنَّهُ كفن في قميص فأما الرِّوَايَةُ أَنَّهُ غُسِّلَ فِي قَمِيصٍ، لِأَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَخْبَرَتْ بِخِلَافِهِ.

مَسْأَلَةٌ:

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَيُجَمَّرُ بِالْعُودِ حَتَى يَعْبَقَ بِهَا ثُمَّ يَبْسُطُ أحسنها وأوسعها ثم الثانية عليها ثم التي تلي الميت ويذر فيها بينها الحنوط ثُمَّ يُحْمَلُ الْمَيِّتُ فَيُوضَعُ فَوْقَ الْعُلْيَا مِنْهَا مستلقياً ثم يأخذ شَيْئًا مِنْ قُطْنٍ مَنْزُوعِ الْحَبِّ فَيَجْعَلُ فِيهِ الحنوط والكافور ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015