مَرَّةً " فَأَمَّا مَا يَرَى مِنْ مَحَاسِنِهِ فَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَأْمُرُ بِسِتْرِهَا وَيَمْنَعُ مِنَ الْإِخْبَارِ بِهَا لِأَنَّهَا رُبَّمَا كَانَتْ عِنْدَهُ مَحَاسِنَ وَعِنْدَ غَيْرِهِ مَسَاوِئَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِذَاعَتِهَا وَمَنْدُوبٌ إِلَى الْإِخْبَارِ بِهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَبْعَثُ عَلَى كَثْرَةِ الدُّعَاءِ لَهُ وَالتَّرَحُّمِ عَلَيْهِ، وَقَدْ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ يَذْكُرُ مِنْ أَحْوَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غُسْلِهِ مَا رَآهُ مِنَ النُّورِ وَشَمَّهُ مِنْ رَوَائِحِ الْجَنَّةِ وَمَا كَانَ مِنْ مَعُونَةِ الملائكة.
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَأَوْلَاهُمْ بِغُسْلِهِ أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَيِّتُ رَجُلًا فَأَوْلَى أَهْلِهِ أَنْ يُغَسِّلَهُ أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ، فَيَكُونُ أَقْرَبُ عِصَابَتِهِ أَوْلَى بِغُسْلِهِ مِنْ زَوْجَاتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً: فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ ذَاتِ زَوْجٍ فَأَحَقُّ عِصَابَتِهَا بِغَسْلِهَا أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ فَعَلَى وجهن:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعَصَبَةَ مِنْ ذَوِي مَحَارِمِهَا أَوْلَى بِغَسْلِهَا مِنَ الزَّوْجِ لِأَنَّهُمْ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ وَبِهِ قَالَ: إِنَّ الزَّوْجَ أَحَقُّ بِغَسْلِهَا وَإِنْ كَانَ عَصَبَتُهَا أَحَقَّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا، لِأَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا ما ليس للعصبات النظر إليه.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: " ويغسل الرجل امرأته والمرأة زوجها غسلت أسماء بنت عميس زوجها أبا بكر الصديق رضي الله عنه. وعلي امرأته فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقالت عائشة لَوِ اسْتَقْبَلْنَا مِنْ أَمْرِنَا مَا اسْتَدْبَرْنَا مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلا نساؤه (قال) وليس للعدة معنىً يحل لأحدهما فيها ما لا يحل له من صاحبه ".
قال الماوردي: وهذا صحيح: أما الزوجة فلها أَنْ تُغَسِّلَ زَوْجَهَا إِذَا مَاتَ، لَا يُعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ، لِمَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: " أَوْصَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يُغَسِّلَهُ زَوْجَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ وَقَالَ: إِنْ كُنْتِ صَائِمَةً فَأَفْطِرِي "، وَيُعِينُكِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي