قال الشافعي رضي الله عنه: " يُقَالُ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ حَتَى يَخْرُجَ وَقْتُهَا بلا عذر لا يصليها غيرك فَإِنْ صَلَّيْتَ وَإِلَّا اسْتَتَبْنَاكَ فَإِنْ تُبْتَ وَإِلَّا قتلناك كما يكفر فنقول إن آمنت وإلا قتلناك وقد قيل يستتاب ثلاثا فإن صلى فيها وإلا قتل وذلك حسن إن شاء الله (قال المزني) قد قال في المرتد إن لم يتب قتل ولم ينتظر به ثَلَاثًا لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " من ترك دينه فاضربوا عنقه " وقد جعل تارك الصلاة بلا عذر كتارك الإيمان فله حكمه في قياس قوله لأنه عنده مثله ولا ينتظر به ثلاثا ".
قال الماوردي: وهذا كَمَا قَالَ تَارِكُ الصَّلَاةِ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتْرُكَهَا جَاحِدًا لِوُجُوبِهَا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَتْرُكَهَا مُعْتَقِدًا لِوُجُوبِهَا، فَإِنْ تَرَكَهَا جَاحِدًا كَانَ كَافِرًا، وَأجْرى عَلَيْهِ حُكْم الرِّدَّةِ إِجْمَاعًا، وَإِنْ تَرَكَهَا مُعْتَقِدًا لِوُجُوبِهَا، قِيلَ لَهُ لِمَ لَا تُصَلِّي؟ فَإِنْ قَالَ أَنَا مَرِيضٌ قِيلَ لَهُ صَلِّ كَيْفَ أَمْكَنَكَ، قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا، فَإِنَّ الصَّلَاةَ لَا تَسْقُطُ عَمَّنْ عَقَلَهَا، وَإِنْ قَالَ لَسْتُ مَرِيضًا وَلَكِنْ نَسِيتُهَا قِيلَ لَهُ صَلِّهَا فِي الْحَالِ فَقَدْ ذَكَرْتَهَا، وَإِنْ قَالَ لَسْتُ أُصَلِّيهَا كَسَلًا وَلَا أَفْعَلُهَا تَوَانِيًا فَهَذَا هُوَ التَّارِكُ لَهَا غَيْرُ مَعْذُورٍ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يُسْتَتَابَ فَإِنْ تَابَ وَأَجَابَ إِلَى فِعْلِهَا تُرِكَ، فَلَوْ قَالَ أَنَا أَفْعَلُهَا فِي مَنْزِلِي وُكِّلَ إِلَى أَمَانَتِهِ، وَرُدَّ إِلَى دِيَانَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ وَأَقَامَ عَلَى امْتِنَاعِهِ مِنْ فِعْلِهَا فَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:
أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ أَنَّ دَمَهُ مُبَاحٌ وَقَتْلَهُ وَاجِبٌ، وَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ كَافِرًا.
وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: هُوَ مَذْهَبُ أبي حنيفة وَالْمُزَنِيِّ أَنَّهُ مَحْقُونُ الدَّمِ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ، لَكِنْ يضرب عند صلاة كل فريضة أدبا وتعزيزا.
وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ راهويه أنه كان كَافِر كَالْجَاحِدِ، تَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الرِّدَّةِ.