الحاوي الكبير (صفحة 958)

(فصل)

إِيَّانَا فِي سُقْيَانَا وَسَعَةِ رِزْقِنَا " ثُمَّ يَدْعُو بما يشاء من دين ودنيا ويبدءون ويبدأ الإمام بالاستغفار ويفصل به كلام ويختم به ثم يقبل على الناس بوجهه فيحضهم على طاعة ربهم ويصلي على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ويقرأ آية أو آيتين ويقول أستغفر الله لي ولكم ثم ينزل ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَسْقَى فَكَانَ أَكْثَرَ دُعَائِهِ الِاسْتِغْفَارُ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنِّي لَأَعْجَبُ مِمَّنْ يُبْطِئُ عَلَيْهِ الرِّزْقُ وَمَعَهُ مَفَاتِيحُهُ، فَقِيلَ لَهُ وَمَا مَفَاتِيحُهُ فَقَالَ الِاسْتِغْفَارُ، وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ الْجُفَاةِ أَنَّهُ اسْتَسْقَى فَقَالَ:

(رَبَّ الْعِبَادِ مَا لَنَا وَمَا لَكَا ... قَدْ كُنْتَ تَسْقِينَا فَمَا بَدَا لَكَا)

(أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ لا أبالكا)

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ مَعْنَاهُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا أَبَا لَكَ، فَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي لَفْظَةِ جَفَاءٍ فَهُوَ فِي مَعْنَى الدُّعَاءِ صَحِيحٌ، فإذا فرغ من الدعاء استقبل الناس وأتى بباقي الْخُطْبَةِ ثُمَّ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الرِّدَاءِ وَتَحْوِيلِهِ، وَكَذَلِكَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى نَزَعُوهَا مَتَى نَزَعَهَا، وَيَخْتَارُ أَنْ يَقْرَأَ عَقِيبَ دُعَائِهِ بِقَوْلِهِ: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا} يونس: 89) وقَوْله تَعَالَى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ} [الأنبياء: 84] وقَوْله تَعَالَى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) {الأنبياء: 88) وَمَا أَشبه ذلك من الآيات تفاؤلا لإجابة الدعوة.

(فصل)

: (قال الشافعي) فإن سقاهم الله وَإِلَّا عَادُوا مِنَ الْغَدِ لِلصَّلَاةِ وَالِاسْتِسْقَاءِ حَتَّى يسقيهم الله (قال) وإذا حولوا أرديتهم أقروها محولة كما هي حتى ينزعوها متى نزعوها ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَذَلِكَ فِي الِاخْتِيَارِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَاتٍ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهَا حَسَنٌ، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ.

(مسألة)

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ كَانَتْ نَاحِيَةً جَدْبَةً وَأُخْرَى خِصْبَةً فَحَسَنٌ أَنْ يَسْتَسْقِيَ أَهْلُ الْخِصْبَةِ لِأَهْلِ الْجَدْبَةِ وَلْلِمُسْلِمِينَ ويسأل اللَّهَ الزِّيَادَةَ لِلْمُخْصِبِينَ فَإِنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ وَاسِعٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] وقَوْله تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) {المائدة: 2) وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " المسلمون تتكافأ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015