سجدتين ثم يقوم في الركعة الثانية فيقرأ بأم القرآن وقد مِائَةٍ وَخَمْسِينَ آيَةً مِنَ الْبَقَرَةِ ثُمَّ يَرْكَعُ بقدر سبعين آية من البقرة ثم يرفع فيقرأ بأم القرآن وقدر مِائَةَ آيَةٍ مِنَ الْبَقَرَةِ ثُمَّ يَرْكَعُ بِقَدْرِ خمسين آية من البقرة ثم يرفع ثم يسجد وإن جاوز هذا أو قصر عنه فإذ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَجْزَأَه "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ صَلَاةُ الْخُسُوفِ رَكْعَتَانِ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهُمَا رُكُوعَانِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِسْحَاقُ.
وَقَالَ أبو حنيفة: رَكْعَتَانِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ مِنْ غير ركوع زائد استدلالا براوية الحسن عن أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى صَلَاةَ الْخُسُوفِ رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاتِكُمْ هَذِهِ وَبِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ صَلَّى هَذِهِ الصَّلَاةَ كَأَحَدِ صَلَاةٍ صَلَّيْتُمُوهَا قَالَ وَلِأَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، وَعَلَى كِلَا الْحَالَيْنِ لَيْسَ لَهَا نَظِيرٌ فِيهِمَا بِرُكُوعٍ زَائِدٍ قَالَ: وَلِأَنَّ الصَّلَوَاتِ تَخْتَلِفُ فِي أَعْدَادِ رَكَعَاتِهَا وَلَا تَخْتَلِفُ فِي زِيَادَةِ أَرْكَانِهَا، فَكَانَ مَذْهَبُكُمْ مُخَالِفًا لِلْأُصُولِ الْمُقَرَّرَةِ فِيهَا.
وِالدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ رِوَايَةُ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالنَّاسُ مَعَهُ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا قَدْرَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ وقام قياما طويلا وهو دون الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونُ الركوع الأول ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونُ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونُ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الثَّانِيَةِ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا دُونَ قِيَامِهِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَاقَ الْخَبَرَ إِلَى آخِرِهِ وَرَوَتْ عَمْرَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى الْخُسُوفَ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَيْنِ وروي مثل ذلك جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَسُمْرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَلِأَنَّهَا صَلَاةُ نَفْلٍ يُسَنُّ فِيهَا اجْتِمَاعُ الْكَافَّةِ فَوَجَبَ أَنْ تَخْتَصَّ بِمَعْنًى تُبَايِنُ بِهِ غَيْرَهَا مِنَ النَّوَافِلِ كَالْعِيدِ وَالِاسْتِسْقَاءِ الْمُخْتَصِّ بِزِيَادَةِ التَّكْبِيرَاتِ.