عمل في وقت وإذا جاوزه لم يعمل في غيره كعرفة وقال في كتاب الصيام وأحب إن ذكر فيه شيئا وإن لم يكن ثابتا أن يعمل من الغد ومن بعد الغد (قال المزني) قوله الأول أولى به لأنه احتج فقال لو جاز أن يقضي كان بعد الظهر أجوز وإلى وقته أقرب (قال المزني) وهذا من قوله على صواب أحد قوليه عندي دليل وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ وَقَدْ أَصْبَحُوا صِيَامًا عَلَى الشَّكِّ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ بِأَنَّهُمَا رَأَيَا الْهِلَالَ مِنَ اللَّيْلِ، فَإِنْ صَحَّتْ عَدَالَتُهُمَا قَبْلَ الزَّوَالِ أَفْطَرَ وَصَلَّى بِالنَّاسِ، لأن ذلك وقت للصلاة، ما لم تزول الشَّمْسُ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ تَصِحَّ عَدَالَتُهُمَا إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ وَيَأْمُرُ النَّاسَ بِهِ، وَفِي إِعَادَةِ الصَّلَاةِ مِنَ الْغَدِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أبي حنيفة وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ لَا تُعَادُ، لِأَنَّهَا صَلَاةُ نَافِلَةٍ سُنَّ لَهَا الْجَمَاعَةُ فَوَجَبَ أَنْ تَسْقُطَ بِالْفَوَاتِ كَصَلَاةِ الْخُسُوفِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا تُعَادُ مِنَ الْغَدِ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ دائبة فَوَجَبَ أَنْ لَا تَسْقُطَ بِفَوَاتِ وَقْتِهَا كَالْفَرَائِضِ، وَقَدْ رَوَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَ بِقَضَائِهَا مِنَ الْغَدِ، إِلَّا أَنَّ فِي الحديث اضطراب وَلَوْلَا اضْطِرَابُهُ لَأُعِيدَتِ الصَّلَاةُ مِنَ الْغَدِ قَوْلًا وَاحِدًا.
فَعَلَى هَذَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي عِلَّةِ تَأْخِيرِهَا إِلَى الْغَدِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قوله أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَأْخِيرِهَا تَعَذُّرُ اجْتِمَاعِ النَّاسِ لِتَفَرُّقِهِمْ وَعَدَمِ عِلْمِهِمْ، فَعَلَى هَذَا إِذَا كَانَ الْبَلَدُ لَطِيفًا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُ أَهْلِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِهِمْ صُلِّيَتْ فِي الْيَوْمِ، لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى وَقْتِهَا الْغَالِبِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَأْخِيرِهَا إِلَى الْغَدِ، أَنْ يُؤْتَى بِهَا فِي وَقْتِهَا الْمَسْنُونَةِ فِيهِ، وَذَلِكَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الزَّوَالِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهَا فِي الْيَوْمِ بِحَالٍ.
: إِذَا كَانَ الْعِيدُ فِي يَوْمِ الْجُمْعَةِ فَعَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ أَنْ يُصَلُّوا الْجُمْعَةَ، وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ تَرْكُهَا، كَمَا قَالَ بِهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَالْفُقَهَاءُ كَافَّةً، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ سَقَطَ عَنْهُمْ فَرْضُ الْجُمْعَةِ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الْجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ " وَلِأَنَّ الْعِيدَ سُنَّةٌ وَالْجُمْعَةَ فَرْضٌ، وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ الْفَرْضِ بِالسُّنَّةِ، فَأَمَّا أَهْلُ السَّوَادِ فَفِي سُقُوطِ الْجُمْعَةِ عَنْهُمْ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمْ كَأَهْلِ الْمِصْرِ.