الْمُسْلِمُ فَاسْتَدْعَى الْبِرَازَ فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قال لا تبرزن محمدا ولا تَدْعُوَنَّ إِلَى الْبِرَازِ، فَإِنْ دُعِيتَ فَأَجِبْ فَإِنَّ الداعي باغ والباغي بمصروع.
وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكْرَهْهُ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُعَرِّضًا نَفْسَهُ لِلشَّهَادَةِ، وَذَلِكَ مُبَاحٌ، قَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَثَّ عَلَى الْقِتَالِ يَوْمًا وَشَوَّقَ إِلَى الْجَنَّةِ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَنَا خَرَجْتُ فَقَاتَلْتُ حَتَّى أُقْتَلَ صَابِرًا مُحْتَسِبًا أَيَحْجِزُنِي عَنِ الْجَنَّةِ شَيْءٌ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا إِلَّا الدَّيْنَ قَالَ: فَخَرَجَ فَانْغَمَسَ فِي الْعَدُوِّ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
وَحُكِيَ عَنْ أبي حنيفة: أَنَّهُ كَرِهَ الْبِرَازَ دَاعِيًا وَمُجِيبًا.
: قال الشافعي رضي الله عنه: " ويلبس فَرَسَهُ وَأَدَاتَهُ جِلْدَ مَا سِوَى الْكَلْبِ وَالْخَنْزِيرِ من جلد قرد وقيل وأسد ونحو ذلك لأنه جنة للفرس ولا تعبد على الفرس ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْجُلُودُ الطَّاهِرَةُ الذَّكِيَّةُ وَالْمَدْبُوغَةُ فَلَا بَأْسَ بِلُبْسِهَا، وَالصَّلَاةِ فِيهَا وَعَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ لُبْسُ غَيْرِ الْجُلُودِ أَوْلَى، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَدْ أَمَرَ بِنَزْعِ الْخِفَافِ وَالْفِرَاءِ عَنْ شُهَدَاءِ أُحُدٍ فَأَمَّا الْجُلُودُ النَّجِسَةُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الطَّاهِرَةِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَهَا جُنَّةً لِفَرَسِهِ، وَآلَةً لِسِلَاحِهِ، لِأَنَّهُ لَا تَعَبُّدَ عَلَى فَرَسٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَلْبَسَهَا، لَكِنْ لَا يُصَلِّي فِيهَا. لِأَنَّ تَوَقِّيَ النَّجَاسَةِ إِنَّمَا يَجِبُ لِلصَّلَاةِ، فَأَمَّا جِلْدُ مَا كَانَ نَجِسًا فِي حَيَاتِهِ كَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَمَا تَوَلَّدَ بَيْنَهُمَا فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ بِحَالٍ لَا فِي آلَةِ السِّلَاحِ وَلَا فِي جُنَّةِ فَرَسٍ، لِأَنَّ الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا بِحَالٍ، إِلَّا مَا خُصَّ بِهِ الْكَلْبُ مِنْ جَوَازِ الِانْتِفَاعِ حَيًّا فِي الصَّيْدِ، وَالْمَاشِيَةِ، فَكَانَ بَاقِي الِانْتِفَاعِ بِهِ عَلَى جُمْلَةِ التَّحْرِيمِ ".