الحاوي الكبير (صفحة 897)

وَأَمَّا صَلَاتُهُ بِعُسْفَانَ: فَرَوَاهَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَمَّا صَلَاتُهُ بِبَطْنِ النَّخْلِ فَرَوَاهَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ.

فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَصَلَاةُ الْخَوْفِ جَائِزَةٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ أُمَّتِهِ وَقَالَ أبو يوسف ومحمد وَالْمُزَنِيُّ صَلَاةُ الْخَوْفِ مَخْصُوصَةٌ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دُونَ أُمَّتِهِ، وَهِيَ الْيَوْمَ مَنْسُوخَةٌ لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَاطَبَ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} [النساء: 102] فَدَلَّ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِفِعْلِهَا.

وَالدَّلَالَةُ عَلَى جَوَازِ فِعْلِهَا إِلَى الْيَوْمِ، فِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ".

وَلِأَنَّ ذَلِكَ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

رُوِيَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " صَلَّى الْخَوْفَ بِأَصْحَابِهِ لَيْلَةَ الْهَرِيرِ فِي قِتَالِ أَهْلِ الْشَامِ ".

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ صَلَّاهَا بِأَصْحَابِهِ وَرُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ أَنَّهُ صَلَّاهَا بِالنَّاسِ بِطَبَرِسْتَانَ وَلَيْسَ لَهُمْ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ.

فَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} [النساء: 102] فَهَذَا وَإِنْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُوَاجَهًا بِهَا، فَهُوَ وَسَائِرُ أُمَّتِهِ شُرَكَاءُ فِي حكمه إلا أن يرد النص بتخصصه كقوله تعالى: {خالصة لك} نَظِيرُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صدقة} ، وقَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ) {الطلاق: 1) وقَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي) {التحريم: 1) وقَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب: 1] فَكَانَ هُوَ وَأُمَّتُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءً، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُوَاجَهَ بِهِ، وَكَذَلِكَ قوله تعالى: {وإذا كنت فيهم} وَلَوْ سَاغَ لِهَذَا الْقَائِلِ تَأْوِيلُهُ فِي الصَّلَاةِ لَسَاغَ لِأَهْلِ الرِّدَّةِ فِي الزَّكَاةِ وَقَدْ أَجْمَعَتِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى رَدِّ قَوْلِهِمْ وإبطال تأويلهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015