وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّهُمَا صَلَاتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ: فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَانِعٍ مِنْ بِنَاءِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْأُخْرَى كَصَلَاةِ السَّفَرِ.
: إِذَا شَكَّ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ هَلْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الْعَصْرِ أَمْ لَا؟ بَنَى عَلَى الْجُمْعَةِ اعْتِبَارًا بِحُكْمِ الْيَقِينِ.
وَلَوْ طَرَأَ الشَّكُّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ، كَمَنْ تَيَقَّنَ الطُّهْرَ ثُمَّ شَكَّ فِي الحدث والله أعلم.
: قال الشافعي رحمه الله تعالى: " ومن أدرك مع الإمام ركعة بسجدتين أتمهما جُمُعَةً وَإِنْ تَرَكَ سَجْدَةً فَلَمْ يَدْرِ أَمِنَ الَّتِي أَدْرَكَ أَمِ الْأُخْرَى حَسَبَهَا رَكْعَةً وَأَتَمَّهَا ظهرا لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة " ومعنى قوله إن لم تفته ومن لم تفته صلى ركعتين وأقلها ركعة بسجدتيها ".
قال الماوردي: وهذا كما قال. قَالَ إِذَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْجُمْعَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ بِهَا الْجُمْعَةَ فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ أُخْرَى وَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ أَدْرَكَ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ لَمْ يَكُنْ مُدْرِكًا لِلْجُمْعَةِ، وَأَتَمَّهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا، هَذَا مَذْهَبُنَا وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَمِنَ الْفُقَهَاءِ الزُّهْرِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ، وزفر، ومحمد بن الحسن.
وَذُكِرَ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَمَكْحُولٍ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْجُمْعَةِ إِلَّا بِإِدْرَاكِ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ، وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَقَالَ أبو حنيفة: يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْجُمْعَةِ بِدُونِ الرَّكْعَةِ، حَتَّى لَوْ أَدْرَكَ مَعَهُ الْإِحْرَامَ قَبْلَ سَلَامِهِ بَنَى عَلَى الْجُمْعَةِ، وَبِهِ قَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ استدلالا بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا " فَوَجَبَ أَنْ يَقْضِيَ مَا فَاتَهُ لِحُصُولِ مَا أَدْرَكَهُ.
قَالُوا: وَلِأَنَّهُ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي حَالٍ هُوَ فِيهَا بَاقٍ عَلَى الْجُمْعَةِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُدْرِكًا لَهَا كَالرَّكْعَةِ، قَالُوا: وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ تَعَيَّنَ فَرْضُهُ بِالْإِتْمَامِ فَإِنَّ إِدْرَاكَ آخِرِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ كَإِدْرَاكِ أَوَّلِهَا، أَصْلُهُ الْمُسَافِرُ خَلْفَ الْمُقِيمِ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ بِإِدْرَاكِ آخِرِ الصَّلَاةِ، كَمَا يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ بَادَرَاكِ أَوَّلِهَا.
وَالدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ: مَا رَوَاهُ يَاسِينُ بْنُ معاذ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي