قال الشافعي رضي الله عنه: (وَوَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ بِمَنْزِلَتِهَا يُعْتَقُونَ بِعِتْقِهَا كَانُوا مِنْ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ وَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَهُمْ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقُوا بِمَوْتِهِ كَأُمِّهِمْ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، أَمَّا وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنَ السَّيِّدِ، فَهُوَ حُرٌّ، لِأَنَّ وَلَدَهُ مِنَ الْأَمَةِ حُرٌّ، فَكَانَ مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ حُرًّا، وَأَمَّا وَلَدُهَا مِنْ غَيْرِهِ، فَيَكُونُ إِمَّا مِنْ زَوْجٍ، فَيَكُونُ مِنْ حلال، وإما من زنى فَيَكُونُ مِنْ حَرَامٍ لَا يَلْحَقُ بِالزَّانِي، وَالْوَلَدُ فِي الْحَالَيْنِ مِنْ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ فِي حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ كَأُمِّهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ كَأُمِّهِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يُعْتَقُ بِمَوْتِهِ كَأُمِّهِ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الْوَلَدَ تَبَعٌ لِأُمِّهِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ، وَحُكْمُ أُمِّ الْوَلَدِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ، فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ وَلَدُهَا تَبَعًا لَهَا فِي الْحَالَيْنِ فَإِنْ قِيلَ: أَفَلَيْسَ وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ لَا يَتْبَعُهَا فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَلَا يُعْتَقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ إِنْ عُتِقَتْ فَهَلَّا كَانَ وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ بِمَثَابَتِهِ؟
قِيلَ: لِأَنَّ الْفَرْقَ فَاصِلٌ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ حُكْمَ أُمِّ الْوَلَدِ مُسْتَقِرٌّ، فَقَوِيَ فِي اجْتِذَابِ الْوَلَدِ إِلَيْهَا، وَحُكْمَ الْمُدَبَّرَةِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، فَضَعُفَ عَنِ اجْتِذَابِ الْوَلَدِ إِلَيْهَا.
وَالثَّانِي: أَنَّ حُرْمَةَ أُمِّ الْوَلَدِ لِأَجْلِ الْبَعْضِيَّةِ، فَانْتَشَرَتْ إِلَى وَلَدِهَا، وَعِتْقَ الْمُدَبَّرَةِ بِعِقْدٍ، وَالْعُقُودُ لَا تَنْتَشِرُ إِلَى غَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.
فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ وَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ بِمَثَابَتِهَا عَتَقَ بِمَوْتِ السَّيِّدِ، فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا تَعَجَّلَ عِتْقُهُ لِمَا بَيَّنْتُهُ لِأُمِّهِ فِي الِاسْتِبَاحَةِ الْمُوجِبَةِ، لِتَأْخِيرِ عِتْقِهَا.
قِيلَ: لِأَنَّهُ وَإِنْ فَقَدَ هَذَا الْمَعْنَى فَإِنَّهُ تَابِعٌ لِأُمِّهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ التَّابِعِ أَقْوَى مِنْ حُكْمِ الْمَتْبُوعِ، فَلِذَلِكَ تَعَلَّقَ عِتْقُهُ وَعِتْقُ أُمِّهِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ عِتْقُهُ عَلَى عِتْقِهَا، وَلَوْ مَاتَتِ الْأُمُّ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ كَانَ عِتْقُ الْوَلَدِ مَوْقُوفًا عَلَى مَوْتِ السَّيِّدِ، وَلَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ أُمِّهِ بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي اسْتِقْرَارِ حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ، ووقوف حكم المكاتبة.
مسألة
قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوِ اشْتَرَى امْرَأَتَهُ وَهِيَ أَمَةٌ حَامِلٌ مِنْهُ ثُمَّ وَضَعَتْ عِنْدَهُ عَتَقَ وَلَدُهَا مِنْهُ وَلَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ أَبَدًا حَتَّى تَحْمَلَ مِنْهُ وَهِيَ فِي مِلْكِهِ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي حُرٍّ تَزَوَّجَ أَمَةً، وَأَحْبَلَهَا، ثُمَّ اشْتَرَاهَا بطل نكاحها،