فَإِنْ أَرَادَ الْمُكَاتَبُ أَنْ يَجْعَلَهُ قِصَاصًا مِنْ كِتَابَةٍ مُؤَجَّلَةٍ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ أَنْ يَكُونَ قِصَاصًا كَمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ تَعْجِيلِ مُؤَجَّلٍ، وَإِذَا صَارَ قِصَاصًا كَانَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُمَا إِنْ تَسَاوَيَا عَتَقَ الْمُكَاتَبُ وَبَرِئَ السَّيِّدُ وَإِنْ كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ أَكْثَرَ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ وَرَجَعَ عَلَى سَيِّدِهِ بِالْبَاقِي وَإِنْ كَانَ مَالُ الْكِتَابَةِ أَكْثَرَ بَرِئَ السَّيِّدُ وَرَجَعَ عَلَى مُكَاتَبِهِ بِالْبَاقِي.
فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا وَتَقَاصَّا مَا حَكَمْنَا بِهِ مِنْ أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ فَلِلْجِنَايَةِ حَالَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ تَنْدَمِلَ فِي الْكَفِّ، فَالْمُسْتَقِرُّ فِيهَا عَلَى السَّيِّدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ عَبْدًا، فَإِنْ كَانَ مَا حَكَمْنَا بِهِ مِنْ أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ فَقَدِ اسْتَوْفَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ دِيَتُهُ حُرًّا هِيَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ رَجَعَ عَلَى سَيِّدِهِ بِمَا زَادَ عَلَيْهَا مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَسْرِيَ الْجِنَايَةُ إِلَى نَفْسِهِ، فَالْمُسْتَقِرُّ عَلَى السَّيِّدِ جَمِيعُ دِيَتِهِ حُرًّا، فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَتْ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ فَقَدْ أَدَّاهُ، وَإِنْ كَانَ نِصْفُ قِيمَتِهِ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ رَجَعَ وَارِثُ الْمُكَاتَبِ عَلَى السَّيِّدِ بِتَمَامِ الدِّيَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُكَاتَبِ وَارِثٌ إِلَّا بِالْوَلَاءِ لَمْ يَرِثْهُ السَّيِّدُ، لِأَنَّهُ قَاتِلٌ، وَكَانَ لِأَقْرَبِ عُصْبَتِهِ إِلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عُصْبَةٌ فَلِبَيْتِ الْمَالِ.