أَحَدُهَا: وَهُوَ جَوَابُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَضْمُونَةٌ عَلَى أَنَّ الرَّاعِفَ حِينَ غَسَلَ رُعَافَهُ رَجَعَ فَأَحْرَمَ خَلْفَ الْمُقِيمِ فَلَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، وَلَوْ لَمْ يَرْجِعْ وَصَلَّى لِنَفْسِهِ مُنْفَرِدًا جَازَ لَهُ الْقَصْرُ كَمَا قَالَ الْمُزَنِيُّ
قَالَ: وَتَعْلِيلُ الشافعي يدل على هذا وهو قوله لأنه كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَمْ يُكْمِلِ الصَّلَاةَ حَتَّى حَمَلَ فِيهَا فِي صَلَاةِ مُقِيمٍ. فَهَذَا جَوَابٌ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا
وَالْجَوَابُ الثَّانِي: وَهُوَ جَوَابُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ أَنَّ الشَّافِعِيَّ إِنَّمَا لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ إِنَّ الرُّعَافَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ فَإِذَا اسْتَخْلَفَ مُقِيمًا فِي صَلَاةٍ هُوَ فِيهَا لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ لِأَنَّهُ صَارَ مُؤْتَمًّا بِمُتَمِّمٍ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ
وَالْجَوَابُ الثَّالِثُ: وَهُوَ جَوَابُ بَعْضِهِمْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْإِتْمَامَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا سَوَاءٌ عَادَ فَدَخَلَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ أَمْ لَا وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِتْمَامُ، لِأَنَّهُ أَصْلٌ وَالْإِمَامُ الْمُسْتَخْلَفُ فَرْعُهُ وَالْفَرْعُ لَا يَكُونُ أَوْكَدَ حَالًا مِنْ أَصْلِهِ، فَلَمَّا وَجَبَ عَلَى الْفَرْعِ الْإِتْمَامُ كَانَ الْأَصْلُ به أولى
وإذا كان الراعف قد استخلفه الْقَوْمَ مَكَانَهُ فَفِيهِ لِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْجَوَابَ عَلَى مَا مَضَى مِنَ اسْتِخْلَافِ الرَّاعِفِ لَهُ سَوَاءٌ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الرَّاعِفَ إِذَا لَمْ يَسْتَخْلِفْهُ فَلَهُ أَنْ يَقْصُرَ بِكُلِّ حَالٍ أَعْنِي الرَّاعِفَ لِأَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا فَلَيْسَ بِفَرْعٍ لِلرَّاعِفِ فَيَلْزَمُهُ حُكْمُ صَلَاتِهِ فِي الْإِتْمَامِ، فَعَلَى هَذَا لَوِ اسْتَخْلَفَ الْمُقِيمُونَ مُقِيمًا وَالْمُسَافِرُونَ مُسَافِرًا جَازَ وَصَلَّى الْمُقِيمُونَ مَعَ إِمَامِهِمْ أَرْبَعًا وَصَلَّى الْمُسَافِرُونَ مَعَ إِمَامِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوِ افْتَرَقُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ وَأَكْثَرَ وَقَدَّمَتْ كُلُّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ إِمَامًا جَازَ وَلَوْ كَانَ إِمَامُهُمْ قَبْلَ الْحَدَثِ وَاحِدًا إِذَا قِيلَ بِجَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ. نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ
: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ: " وَإِذَا صَلَّى الْإِمَامُ بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ ثُمَّ أَحْدَثَ فَاسْتَخْلَفَ مُقِيمًا لَمْ يَحْضُرِ الرَّكْعَةَ أَتَمَّتِ الطَّائِفَةُ الْأُولَى وَالطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ أَرْبَعًا، فَإِنْ قِيلَ فَلِمَ أَلْزَمَ الطَّائِفَةَ الْأُولَى الْإِتْمَامُ وَقَدْ فَارَقَتِ الْإِمَامَ وَخَرَجَتْ مِنْ صَلَاتِهِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ قِيلَ: الْمَسْأَلَةُ مُصَوَّرَةٌ فِي الْإِمَامِ إِذَا أَحْدَثَ قَبْلَ الِاعْتِدَالِ وَالطَّائِفَةُ الْأُولَى مَعَهُ لِأَنَّهُمْ يُفَارِقُونَهُ بَعْدَ الِاعْتِدَالِ فَلِذَلِكَ لَزِمَهُمُ الْإِتْمَامُ لِحُصُولِهِمْ خَلْفَ مُقِيمٍ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ حَدَثُهُ بَعْدَ الِاعْتِدَالِ لَمْ يَلْزَمِ الطَّائِفَةَ الْأُولَى لِخُرُوجِهِمْ مِنْ إِمَامَتِهِ
(فَصْلٌ)
: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْإِمْلَاءِ: وَإِذَا دَخَلَ الْمُسَافِرُ بَلَدًا وَصَلَّى صَلَاةَ السَّفَرِ خَلْفَ إِمَامٍ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ لَزِمَ الْمُسَافِرَ أَنْ يُتِمَّ أَرْبَعًا، قَالَ لِأَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ مُقِيمٍ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ وَإِنْ كَانَتْ مَقْصُورَةً فَهِيَ فَرْضُ الْإِقَامَةِ وَالْإِمَامُ فِيهَا مُقِيمٌ فَعَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ لَوْ صَلَّى