قال الشافعي رضي الله عنه: (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: (الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْوَلَاءُ، فَهُوَ مُسْتَحَقٌّ بِالْعِتْقِ يَمْلِكُهُ الْمُعْتِقُ عَلَى مَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ بَعْدَ رِقِّهِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ فِي وَاجِبٍ أَوْ تَطَوُّعٍ يَجْرِي مَجْرَى النَّسَبِ فِي التَّوَارُثِ بِهِ بَعْدَ النَّسَبِ.
وَالْأَصْلُ فِي ثُبُوتِهِ بِالسُّنَّةِ مَا رَوَى الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ الْحَدِيثُ الْمُقَدَّمُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: (الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يؤهب) . وَلَمْ يَرْوِ الشَّافِعِيُّ عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ طَعَنَ فِيهِ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ، وَقَالُوا: لَمْ يَرْوِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَإِنَّمَا رَوَى عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (نَهَى عَنِ الْوَلَاءِ وِهِبَتِهِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَغَلَطَ فِيهِ الْعِرَاقِيُّونَ، ورَوَوْا عَنْهُ مَا رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ) فَهُوَ مُرْسَلٌ عَنِ الْحَسَنِ، وَهَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مُرْسَلًا، وَقَدْ رَوَاهُ الْحَسَنُ تارة مسنداً عن سمرة ابن جُنْدُبٍ، وَأَحَادِيثُ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ مَضْعُوفَةٌ، فَغَلِطُوا فِي نَقْلِهِ مِنْ إِسْنَادٍ إِلَى إِسْنَادٍ.
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ طَرِيقَيْنِ آخَرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَا رَوَاهُ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: (الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ وَلَا يُتَصَدَّقُ بِهِ) .