فَإِنْ ظَهَرَ قَبْلَ الْقُرْعَةِ وَجَبَ أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُمْ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ ثُمَّ يُقْرِعَ بَيْنَهُمْ لِلْعِتْقِ فَإِنْ قِيلَ: فَقَضَاءُ الدَّيْنِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى قُرْعَةٍ، كَمَا لَوِ اجْتَمَعَ الدَّيْنُ مَعَ الْوَصَايَا لَمْ يُقْرَعْ فِي التَّرِكَةِ بَيْنَ أَرْبَابِ الدُّيُونِ وَالْوَصَايَا،. قِيلَ: إِنَّمَا أُقْرِعَ فِي الدَّيْنِ مَعَ الْعِتْقِ، وَإِنْ لَمْ يُقْرَعْ فِيهِ مَعَ الْوَصَايَا لِأَمْرَيْنِ: فَرْقٌ وَتَعْلِيلٌ.
فَأَمَّا الْفَرْقُ فَهُوَ أَنَّ الْقُرْعَةَ لَمَّا اسْتُعْمِلَتْ فِي الْعِتْقِ إِذَا انْفَرَدَ، وَلَمْ تُسْتَعْمَلْ فِي الْوَصَايَا إِذَا انْفَرَدَتِ اسْتُعْمِلَتْ فِي الْعِتْقِ إِذَا اجْتَمَعَ مَعَ الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي الْوَصَايَا إِذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ الدَّيْنِ. وَأَمَّا التَّعْلِيلُ: فَهُوَ أَنَّ الْعِتْقَ لَا يُتْرَكُ بِالْعَجْزِ عَلَى إِشَاعَتِهِ حَتَّى يُمَيَّزَ بِالْقُرْعَةِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُشَاعَ مَا دَخَلَهُ الْعَجْزُ إِلَّا بِالْقُرْعَةِ وَالْوَصَايَا تُتْرَكُ بِالْعَجْزِ عَلَى إِشَاعَتِهَا، وَلَا تُمَيَّزُ بِالْقُرْعَةِ، فَجَازَ أَنْ يُشَاعَ مَا دَخَلَهُ الْعَجْزُ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ.
وَإِذَا وَجَبَ الْإِقْرَاعُ لِلدَّيْنِ كَمَا وَجَبَ الْإِقْرَاعُ لِلْعِتْقِ، وَجَبَ تَقْدِيمُ الْإِقْرَاعِ لِلدَّيْنِ كَمَا وَجَبَ الْإِقْرَاعُ لِلْعِتْقِ، لِإِمْضَاءِ الْعِتْقِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُجْمَعَ فِي الْإِقْرَاعِ الْوَاحِدِ بَيْنَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَالْعِتْقِ، كَمَا وَهِمَ فِيهِ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لِتَقْدِيمِ الدَّيْنِ عَلَى الْوَصَايَا.
وَالثَّانِي: يَجُوزُ أَنْ تَزِيدَ قِيمَةُ مَنْ قَرَعَ فِي الدَّيْنِ، فَتُضَمُّ الزِّيَادَةُ إِلَى مَنْ أَفْرَدَ لِلْعِتْقِ أَوْ تُنْقَصَ الْقِيمَةُ، فَتُتَمَّمُ مِمَّنْ أُفْرِدَ لِلْعِتْقِ.
فَإِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ، فَمَعْلُومٌ مِنْ صُورَةِ مَا قُلْنَاهُ أَنَّ الدَّيْنَ مُقَابِلٌ لِرُبْعِ التَّرِكَةِ، لِأَنَّهُ مِائَةٌ وَالتَّرِكَةُ أَرْبَعُ مِائَةٍ، فَوَجَبَ أَنْ يُجَزَّأُوا أَرْبَاعًا، وَيُكْتَبُوا فِي أَرْبَعِ رِقَاعٍ، وَالْمُقْرَعُ فِيهِ بَيْنَ خِيَارَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكْتُبَ أَسْمَاءَهُمْ، وَيُخْرَجُ عَلَى الدَّيْنِ، فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ بِيعَ فِيهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يُكْتَبَ فِي رُقْعَةٍ دَيْنًا، وَفِي ثَلَاثَةِ رِقَاعٍ تَرِكَةً، وَيُخْرَجَ عَلَى الْأَسْمَاءِ فَمَنْ خَرَجَ عَلَيْهِ سَهْمُ الدَّيْنِ بِيعَ فِيهِ، فَإِذَا تَعَيَّنَ الْمَبِيعُ فِي الدَّيْنِ بِالْقُرْعَةِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَ الْبَاقِينَ فِي الْعِتْقِ إِلَّا بَعْدَ بَيْعِهِ فِي الدَّيْنِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَزِيدَ قِيمَتُهُ، فَيُزَادُ عَلَى سِهَامِ الْعِتْقِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَنْقُصَ، فَتُتَمَّمُ مِنْ سِهَامِ الْعِتْقَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَهْلِكَ فَيُقْرَعُ لِلدَّيْنِ ثَانِيَةً مِنْ سِهَامِ الْعِتْقِ، فَلِذَلِكَ وَجَبَ التَّوَقُّفُ عَلَى الْإِقْرَاعِ لِلْعِتْقِ حَتَّى يُبَاعَ الْقَارِعُ فِي الدَّيْنِ، وَيُقْضَى بِثَمَنِهِ جَمِيعُ الدَّيْنِ ثُمَّ تُسْتَأْنَفُ قُرْعَةُ الْعِتْقِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ، فَيُعْتَقُ مِنْهُمْ مَنْ خَرَجَ عَلَيْهِ سَهْمُ الْعِتْقِ، وَيُرَقُّ مَنْ خَرَجَ عَلَيْهِ سَهْمُ الرِّقِّ، فَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةَ عَبِيدٍ قِيمَتُهُمْ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَالدَّيْنُ مِائَةُ دِرْهَمٍ، جُزِّئُوا فِي الدَّيْنِ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ عَلَى عَدَدِهِمْ، فَإِذَا خَرَجَتْ فِيهِ قُرْعَةُ أَحَدِهِمْ بِيعَ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، لِأَنَّ قِيمَتَهُ مِائَةٌ. وَثَلَاثَةٌ