: فَإِذَا ثَبَتَ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الدَّعْوَى، فَإِنْ أُلْحِقَ بِالْمُسْلِمِ، لَحِقَ بِهِ نَسَبًا، وَدِينًا، وَإِنْ أُلْحِقَ بِالْكَافِرِ، لَحِقَ بِهِ نَسَبًا، وَفِي إِلْحَاقِهِ بِهِ دِينًا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يُلْحَقُ بِهِ فِي دِينِهِ اعْتِبَارًا بِالْوِلَادَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُلْحَقُ بِدِينِهِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الدَّارِ، فَأُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْإِسْلَامِ، حَتَّى يَبْلُغَ فَيُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِالْإِسْلَامِ اسْتَقَرَّ حُكْمُ الْإِسْلَامِ، وَإِنِ ادَّعَى الْكُفْرَ أُرْهِبَ ثُمَّ أُقِرَّ عَلَى الْكُفْرِ فَإِنْ قِيلَ بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ إنَّهُ يَجْرِي عَلَى الْكُفْرِ أُقِرَّ فِي يَدِهِ وَإِنْ قِيلَ بِالثَّانِي، إنَّهُ يَجْرِي عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُقَرَّ فِي يَدِهِ، لِئَلَّا يُلَقِّنَهُ الْكُفْرَ، فَيَدَّعِيهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ.
(فَصْلٌ)
: وَإِذَا تَنَازَعَ وَالِدٌ، وَوَلَدُهُ فِي وَلَدٍ ادعياه كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، عَنِ الْتِقَاطٍ أَوِ اشْتِرَاكٍ فِي فِرَاشٍ فَهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ، وَلَا يَغْلِبُ دَعْوَى الْوَالِدِ عَلَى الْوَلَدِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنِ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ أَمَةٍ، اشْتَرَكَا فِي إِصَابَتِهَا، فَإِنْ كَانَتِ الْأَمَةُ لِلْأَبِ، أَوْ مُشْتَرِكَةٍ بَيْنَ الِابْنِ وَالْأَبِ، فَالْوَلَدُ يَلْحَقُ بِالْأَبِ، وَإِنْ كَانَتْ لِلِابْنِ فَالْوَلَدُ يَلْحَقُ بِالْأَبِ وَالِابْنِ، وَهَذَا حُكْمٌ لَا يُوجِبُهُ دَلِيلٌ، ولا تقتضيه تَعْلِيلٌ، لِأَنَّ الْأُبُوَّةَ وَالْبُنُوَّةَ لَا تَخْتَلِفُ فِيهَا أَحْكَامُ الدَّعَاوَى، كَالْأَمْوَالِ.
وَلِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي ادِّعَاءِ الْوَلَدِ حُكْمُ الْأُمِّ، وَالْجَدِّ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ حُكْمُ الْأَبِ وَالِابْنِ.
(فَصْلٌ)
: وَإِذَا تَنَازَعَ في الولد امرأتان، قيل: إِنَّ دَعْوَاهُمَا مَسْمُوعَةٌ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَذْهَبِ فِيهِ، اسْتَعْمَلَ الْقَافَةَ فِيهَا، إِذَا عُدِمَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى وِلَادَتِهِ، وَكَانَتَا فِي مُنَازَعَتِهِ، كَالرَّجُلَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا مُسْلِمَةٌ، وَالْأُخْرَى كَافِرَةٌ، كَانَتَا سَوَاءً، فِي ادِّعَائِهِ.
أَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا حُرَّةً، وَالْأُخْرَى أَمَةً، تَسَاوَيَا فِيهِ، وَجَازَ لِلْأَمَةِ أَنْ تَخْتَصَّ بِالدَّعْوَى دُونَ السَّيِّدِ لِاخْتِصَاصِهَا بِحَقِّ النَّسَبِ، وَتَفَرَّدَ السَّيِّدُ بِحَقِّ الْمِلْكِ فَإِنْ أَلْحَقَتِ الْقَافَةُ الْوَلَدَ بِالْأُمِّ، لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ لِسَيِّدِهَا رِقٌّ تَعْلِيلًا بِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَوْلَدَهَا حُرٌّ بِشُبْهَةٍ.
وَالثَّانِي: لِأَنَّ إِلْحَاقَ الْقَافَةِ طَرِيقَةُ الِاجْتِهَادِ، دُونَ الْعِلْمِ وَلَوْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى وِلَادَتِهَا لَهُ فَفِي دُخُولِهِ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ وَجْهَانِ مِنِ اخْتِلَافِ التَّعْلِيلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مِنْ حُرٍّ بشبهه.