وَلَوْ سَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ صَحَّ وَانْتَفَى عمن سلمه، ولحق عن سُلِّمَ إِلَيْهِ فَلَمْ يَفْتَقِرِ اسْتِلْحَاقُهُ إِلَى حُكْمٍ، وَجَازَ أَنْ يَنْفَرِدَ بِاسْتِعْمَالِ الْقَافَةِ فِيهِ إِنِ اخْتَارَا، وَجَازَ أَنْ يَتَحَاكَمَا فِيهِ إِلَى حَاكِمٍ، إن اختلفا فَإِنْ تَنَازَعَا فِيهِ إِلَى حَاكِمٍ وَقَفَ اخْتِيَارُ الْقَائِفِ عَلَى الْحَاكِمِ، دُونَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَتَنَازَعَا فِيهِ إِلَى حَاكِمٍ، وَقَفَ اخْتِيَارُ الْقَائِفِ عَلَيْهِمَا فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى اخْتِيَارٍ قَائِفٍ كَانَا فِيهِ بِالْخِيَارِ فِي تَحْكِيمِهِ، أَوِ اسْتِخْبَارِهِ، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ شَرْحِ التَّحْكِيمِ، وَالِاسْتِخْبَارِ.
فَإِنِ اسْتَخْبَرَهُ فَأُخْبِرَ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى إِمْضَائِهِمَا وَالْتِزَامِهِمَا.
وَإِنْ حَكَّمَاهُ فَحَكَمَ كَانَ فِي لُزُومِ حُكْمِهِ لَهُمَا قولان: وإن اختلفا في اختيار القائف، إذا حلفا بعد الاتفاق عليه في تحكيمه، أو استخباره لَمْ يَعْمَلْ عَلَى اخْتِيَارِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَتَنَازَعَا فِيهِ إِلَى الْحَاكِمِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا كَانَ الْحَاكِمُ هُوَ النَّاظِرُ بَيْنَهُمَا فِي لُحُوقِ النَّسَبِ، إما في الفراش المشترك حتما واجبا، وإما في اللقيط المدعى، إما بالتراخي والاختيار، وإما أن يطلبه أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، فَيُؤْخَذُ الْمُمْتَنِعُ جَبْرًا بِالْحُكْمِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْمُتَنَازِعَيْنِ فِي اللَّقِيطِ أَنْ يَنْفَرِدَا بالقيافة إذا اتفقا على التراخي فِي تَفَرُّدِهِمَا بِهِ، دُونَ الْحَاكِمِ.
فَإِذَا أَرَادَ الْحَاكِمُ الْحُكْمَ بَيْنَهُمَا، اخْتَارَ مِنَ الْقَافَةِ أَوْثَقَهُمْ وَأَغْلَبَهُمْ، وَاجْتَهَدَ رَأْيَهُ فِي تَحْكِيمِ الْقَائِفِ، أَوِ اسْتِخْبَارِهِ فَإِنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إِلَى تَحْكِيمِهِ، كَانَ ذَلِكَ اسْتِخْلَافًا لَهُ فِي الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا، فَيُرَاعِي فِي اسْتِنَابَتِهِ شُرُوطَ التَّقْلِيدِ، وَاخْتُبِرَ فِي الْعِلْمِ بِشُرُوطِ الْإِلْحَاقِ، فَإِنْ قَضَى بِهَا، أَعْلَمَهُ بِهَا.
فَأَمَّا الْمُخْتَصُّ مِنْهَا بِفِطْنَتِهِ فَقُوَّةُ حِسِّهِ، فَهُوَ مَرْكُوزٌ فِي طَبْعِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَائِفٍ وَاحِدٍ، لِأَنَّهُ حُكْمٌ، فَجَازَ مِنَ الْقَائِفِ الْوَاحِدِ، فَإِنْ جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ قَائِفَيْنِ احْتِيَاطًا كَانَ أَوْكَدَ، كَمَا جُمِعَ فِي شِقَاقِ الزَّوْجَيْنِ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ.
وَلَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ فِي لُحُوقِهِ بواحد منهما، حتى يجتمعان عَلَيْهِ، فَإِذَا أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ الْوَاحِدُ إِذَا أُفْرِدَ أَوِ الْقَائِفَانِ إِذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ فيه، ونفاه عن الآخر لحقه، وَانْتَفَى عَنِ الْآخَرِ، وَلَوْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا، وَلَمْ يَنْفِهِ عَنِ الْآخَرِ، لَمْ يَلْحَقْ بِهِ، لِجَوَازِ أَنْ يَرَى اشْتِرَاكَهُمَا فِيهِ، وَلَوْ نَفَاهُ عَنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُلْحِقْهُ بِالْآخَرِ، انْتَفَى عَمَّنْ نَفَاهُ عَنْهُ، وَصَارَ الْآخَرُ مُنْفَرَدًا بِالدَّعْوَى فَلَحِقَ بِهِ، لِانْفِرَادِهِ بِالْفِرَاشِ، لَا بِالْقَائِفِ.
وَلَوْ تَنَازَعَ فِي دَعْوَاهُ ثَلَاثَةٌ فَأَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمْ، وَنَفَاهُ عَنِ الْآخَرَيْنِ، أَمْضَى حَكَمَهُ فِي إِلْحَاقِهِ وَنَفْيِهِ، وَلَوْ نَفَاهُ عَنْ أَحَدِهِمْ، خَرَجَ مِنَ الدَّعْوَى، وَصَارَتْ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ، وَلَوْ نَفَاهُ عَنِ اثْنَيْنِ، خَرَجَا مِنَ الدَّعْوَى، وَصَارَ لَاحِقًا بِالْبَاقِي، لِانْفِرَادِهِ بِالدَّعْوَى، لَا بُقُولَ الْقَائِفِ، فَإِنْ لَحِقَ بِأَحَدِهِمْ لِإِلْحَاقِ الْقَائِفِ بِهِ، وَنَفْيِهِ عَنْ غَيْرِهِ اسْتَقَرَّ حُكْمُهُ فِي ثبوت