: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ مُنْذُ سِنِينَ وَأَقَامَ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ مِنْذُ سَنَةٍ فَهُوَ لِلَذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ وَلَمْ أنظر على قَدِيمِ الْمِلْكِ وَحَدِيثِهِ (قَالَ الْمُزَنِيُّ) أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ أَنْ يَجْعَلَ الْمِلْكَ لِلْأَقْدَمِ أَوْلَى كَمَا جَعَلَ ملك النتاج أولى وقد يمكن أن يكون صاحب النتاج قد أخرجه من ملكه كما أمكن أن يكون صاحب الملك الأقدم أخرجه من ملكه ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا عَيْنًا مَنْقُولَةً، كَعَبْدٍ، أَوْ دَابَّةٍ، أَوْ غَيْرِ مَنْقُولَةٍ كدار أو عقار.
وأقام الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ. وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ شَهْرٍ، أَوْ أَطْلَقَ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ أَوْ فِي مُدَّةٍ هِيَ أَقْصَرُ. فَلَا يَخْلُو حَالُ الْمِلْكِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ فِي يد غَيْرِهِمَا.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ فِي يَدَيْ أَحَدِهِمَا.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ فِي أَيْدِيهِمَا.
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: إِذَا كَانَ الْمِلْكُ فِي يَدَيْ غَيْرِهِمَا وَلِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ بِقَدِيمِ الْمِلْكِ مُنْذُ سَنَةٍ، وَالْآخَرُ بَيِّنَةٌ لِحَدِيثِ الْمِلْكِ مُنْذُ شَهْرٍ، فَفِيهِمَا قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، لَا يَتَرَجَّحُ مَنْ شَهِدَتْ بِقَدِيمٍ عَلَى الْأُخْرَى لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّهُمَا تَنَازَعَا مِلْكَهَا فِي الْحَالِ، فَلَمْ تُؤَثِّرْ بَيِّنَةُ مَا شَهِدَتْ بِمَا قَبِلَهَا، لِأَنَّه غَيْرُ مُتَنَازَعٍ فِيهِ.
وَالثَّانِي: إِنَّ الشَّهَادَةَ بِحَدِيثِ الْمِلْكِ، لَمْ تُنْفَ بِقَدِيمِ الْمِلْكِ وَإِنْ أَثْبَتَتْهُ الْأُخْرَى فَصَارَتَا مُتَكَافِئَتَيْنِ.