وَأَمَّا شَهَادَةُ الْمُعْتَقِ لِمُعْتِقِهِ مِنْ أَعْلَى وَأَسْفَلَ فَمَقْبُولَةٌ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ.
وَمَنَعَ شُرَيْحٌ مِنْ قَبُولِهَا كَالْوِلَادَةِ، وَهَذَا خَطَأٌ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ النَّفَقَةِ، وَهَذَا أَبْعَدُ مِنْ ذَوِي الْأَنْسَابِ الْبَعِيدَةِ لِتَعَدِّيهِمْ عَلَيْهِ فِي الْمِيرَاثِ. وَاللَّهُ أعلم.
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا مَنْ يُعْرَفُ بِكَثْرَةِ الْغَلَطِ أَوِ الْغَفْلَةِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الضَّبْطُ وَالتَّيَقُّظُ، فَهُمَا شَرْطَانِ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ. لِيَقَعَ السُّكُونُ إِلَى صِحَّتِهَا، فَإِنْ حَدَثَ مِنَ الشَّاهِدِ سَهْوٌ أَوْ غَلَطٌ، فَإِنْ كَانَ فِيمَا شَهِدَ بِهِ، رُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ كَانَ سَهْوُهُ وَغَلَطُهُ فِي غَيْرِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ نُظِرَ:
فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ عَلَيْهِ السَّهْوَ وَالْغَلَطَ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جَرْحًا فِي عَدَالَتِهِ. لِأَنَّ النَّفْسَ غَيْرُ سَاكِنَةٍ إِلَيْهِ إِلَى شَهَادَتِهِ لِحَمْلِهَا فِي الْأَغْلَبِ عَلَى السَّهْوِ وَالْغَلَطِ.
وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ التَّيَقُّظَ وَالضَّبْطَ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ غَلَطَ فِي بَعْضِ أَخْبَارِهِ وَسَهَا، لِأَنَّهُ مَا مِنْ أَحَدٍ يَخْلُو من سهو أو غلط.
وهذا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَدْ سَهَا وَقَالَ: " إِنَّمَا أَسْهُو لِأَسُنَّ " وَإِذَا كَانَ لَا يَخْلُو ضَابِطٌ مِنْ غَلَطٍ وَلَا غَافِلٌ مِنْ ضَبْطٍ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَبَرُ الْأَغْلَبَ. كَمَا يُعْتَبَرُ فِي الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي أَغْلَبُهَا فيكون العدل والفسق معتبرا بِمَا يَغْلِبُ مِنْ طَاعَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ. وَكَذَلِكَ الضَّبْطُ وَالْغَفْلَةُ.
( [الْقَوْلُ فِي شَهَادَةِ الزَّوْجَيْنِ] )
(مَسْأَلَةٌ)
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ كُنْتُ لَا أُجِيزُ شَهَادَةَ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ لِأَنَّهُ يَرِثُهَا مَا أَجَزْتُ شَهَادَةَ الْأَخِ لِأَخِيهِ إِذَا كَانَ يَرِثُهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي شَهَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَى جَوَازِهَا وَقَبُولِ شهادة الزوج لزوجته. وقبول الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا.
وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا؛ لِأَنَّهُ إِذَا أَيْسَرَ وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ. وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَجُرُّ بِهَا نَفْعًا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ مَالِكٍ، عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ فِي الصَّدِيقِ الملاطف.