مولاه على أنه يسترقه كما أنه لا يأخذ ابنه على أنه يسترقه فإذا أجازه في المولى لزمه في الابن ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي جَارِيَةٍ وَلَدَتْ وَلَدًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ يَسْتَرِقُّهُمَا، فَادَّعَاهَا وَوَلَدَهَا مُدَّعٍ فَلَهُ فِي دَعْوَاهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَدَّعِيَهَا مِلْكًا لِنَفْسِهِ، فَيُحْكَمَ لَهُ فِيهَا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، لِاخْتِصَاصِ الدَّعْوَى بِالْمِلْكِ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهَا حُرَّةٌ تَزَوَّجَهَا، وَأَنَّ وَلَدَهَا ابْنُهُ مِنْهَا، حُرٌّ، لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ رِقٌّ، فَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، حَتَّى يَشْهَدَ لَهُ شَاهِدَانِ بِدَعْوَاهُ، لِأَنَّهَا تَضَمَّنَتْ حُرِّيَّةً وَزَوْجِيَّةً وَنَسَبًا.
وَالشَّهَادَةُ بِحُرِّيَّتِهَا بَيِّنَةٌ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ وَالشَّهَادَةُ بِالزَّوْجِيَّةِ بَيِّنَةٌ عَلَيْهَا إِنْ كَانَتْ مُعْتَرِفَةً بِحُرِّيَّتِهَا، وَإِنْ لَمْ تَعْتَرِفْ بِحُرِّيَّتِهَا كَانَتْ بَيِّنَةً عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ، وَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ بِحُرِّيَّتِهَا، وَإِنْ لَمْ تَدَّعِيهَا لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ صِحَّةِ نِكَاحِ الْمُدَّعِي، وَحُرِّيَّةِ وَلَدِهِ مِنْهَا، وَالشَّهَادَةُ بِنَسَبِ الْوَلَدِ بَيِّنَةٌ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ وَالْوَلَدِ.
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَتَهُ، وَأَنَّهُ أَوْلَدَهَا هَذَا الْوَلَدَ، فَصَارَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، فَتَعَلَّقَ بِدَعْوَاهُ فِي الْأُمِّ حُكْمَانِ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّهَا أَمَتُهُ.
وَالثَّانِي: إِنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ، وَتَعَلَّقَ بِهَا فِي الْوَلَدِ حُكْمَانِ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ ابْنُهُ.
وَالثَّانِي: إِنَّهُ حُرٌّ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهَا أَمَتُهُ، وَأَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ تُعْتَقُ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ، لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّ أَحْكَامَ الرِّقِّ جَارِيَةٌ عَلَيْهَا فِي اسْتِخْدَامِهَا وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَإِجَارَتِهَا، وَتَمَلُّكِ مَنَافِعِهَا، وَأَخْذِ الْقِيمَةِ مِنْ قَاتِلِهَا وَالرِّقِّ قَالَ: " وَيُحْكَمُ فِيهِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ ".
وَالثَّانِي: إِنَّهُ لَمَّا حَرُمَ عَلَيْهِ بَيْعُهَا، صَارَ الْمِلْكُ وَالدَّعْوَى مَقْصُورَيْنِ عَلَى مَنَافِعِهَا، وَالْمَنَافِعُ فِي حُكْمِ الْأَمْوَالِ الْمَحْكُومِ بِهَا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ.
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا لِاخْتِلَافِ هَذَا التَّعْلِيلِ: هَلْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ بِإِقْرَارِهِ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ، فَوَجَبَ تَمَلُّكُ رِقِّهَا.