: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنْ شَهِدَتِ امْرَأَتَانِ لِرَجُلٍ بمال حلف معهن وَلَقَدْ خَالَفَهُ عَدَدٌ أَحْفَظُ ذَلِكَ عَنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهَذَا إِجَازَةُ النِّسَاءِ بِغَيْرِ رَجُلٍ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُجِيزَ أَرْبَعًا فَيُعْطِيَ بِهِنَّ حَقًّا فإن قال إنهما مع يمين رجل فيلزمه أن لا يجيزهما مع يمين امرأة والحكم فيهما واحد (قال الشافعي) رحمه الله: وكان القتل والجراح وشرب الخمر والقذف مما لم يذكر فيه عدد الشهود فكان ذلك قياسا على شاهدي الطلاق وغيره مما وصفت ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا أَرَادَ بِهِ مَالِكًا لِأَنَّهُ يُوافِقُ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِي الْأَمْوَالِ، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ ثُمَّ تَجَاوَزَ مَالِكٌ، فَقَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ الشَّافِعِيُّ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَقَامَ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ مَقَامَ شَهَادَةِ رَجُلٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] ثُمَّ ثَبَتَ جَوَازُ الْقَضَاءِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، فَكَذَلِكَ بِالْمَرْأَتَيْنِ وَالْيَمِينِ.
وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: 282] وفي قوله (فتذكر) قراءاتان:
إِحْدَاهُمَا: بِالتَّشْدِيدِ مِنَ النِّسْيَانِ.
وَالثَّانِيَةُ: بِالتَّخْفِيفِ أَيْ: يَكُونَانِ كَالذَّكَرِ، فَيَكُونُ الِاسْتِدْلَالُ بِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ نَصًّا، وَبَالْأُولَى تَنْبِيهًا.
وَدَلِيلُنَا: هُوَ أَنَّ شَهَادَةَ الرَّجُلَيْنِ أَقْوَى مِنْ شَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ، لِأَنَّ شَهَادَةَ الرَّجُلَيْنِ مَقْبُولَةٌ فِي الْحُدُودِ وَالْأَمْوَالِ، وَشَهَادَةَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ مَرْدُودَةٌ فِي الْحُدُودِ، وَإِنْ قُبِلَتْ فِي الْأَمْوَالِ، وَالْحُكْمُ بِالْيَمِينِ أَضْعَفُ مِنَ الْحُكْمِ بِالْبَيِّنَةِ لِتَقَدُّمِهَا عَلَى الْيَمِينِ، فَحَكَمْنَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لِاجْتِمَاعِ قَوِيٍّ مَعَ ضَعِيفٍ كَمَا حَكَمْنَا بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَمْ نَحْكُمْ بَامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ لِاجْتِمَاعِ ضَعِيفٍ مَعَ ضَعِيفٍ، وَكَمَا لَمْ نَحْكُمْ فِي الْأَمْوَالِ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّمَا أُعْطَى مَعَ يَمِينِ رَجُلٍ.
قِيلَ: فَيَلْزَمُكَ أَنْ لَا تُعْطِيَ مَعَ يَمِينِ امْرَأَةٍ وَأَنْتَ تُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِي الْيَمِينِ وَفِي هذا انفصال عن استدلاله.
(مسألة)
: قال الشافعي رضي الله عنه: (قال) " ولا يحل حُكْمُ الْحَاكِمِ الْأُمُورَ عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ أَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ يَقْضِي بِالظَّاهِرِ وَيَتَوَلَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّرَائِرَ فَقَالَ: " مَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ بِشَيْءٍ فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قطعة من النار " فلو