مَجْرُوحِينَ، فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يَقْبَلَ شَهَادَتَهُمْ عَلَى حُكْمِهِ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ حَكَمَ بِإِبْطَالِ الْحُكْمِ وَتَفْسِيقِ الشُّهُودِ.
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ قَدْ أَنْكَرَ الْحُكْمَ وَلَمْ يُكَذِّبِ الشُّهُودَ، فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ مَعَ إِنْكَارِهِ لِلْحُكْمِ أَنْ يَسْمَعَ الشَّهَادَةَ بِحُكْمِهِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ أَنْ يَسْمَعَهَا وَيَحْكُمَ بِهَا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْمُنْكِرِ مَسْمُوعَةٌ اعْتِبَارًا بِسَائِرِ الْحُقُوقِ.
وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحَاكِمَ أَصْلٌ وَالشُّهُودَ فَرْعٌ، وَفَسَادُ حُكْمِ الْأَصْلِ مُوجِبٌ لِفَسَادِ حُكْمِ الْفَرْعِ، كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، إِذَا فَسَدَ فِيهَا حُكْمُ الْأَصْلِ فَسَدَ حُكْمُ الْفَرْعِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَوْ أَكْذَبَهُمْ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَسْمَعَ بِهِ شَهَادَتَهُمْ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ إِذَا أنكرهم والله أعلم بالصواب.