وَقَالَ أبو حنيفة إِذَا قَدَرَ الْمُومِئُ عَلَى القيام أو القعود بطلت صلاته، وكذلك الْعُرْيَانُ إِذَا وَجَدَ ثَوْبًا، وَالْأُمِّيُّ إِذَا تَعَلَّمَ الْفَاتِحَةَ قَالَ: لِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى شَرْطٍ مِنْ شرائط الصلاة عَجْزِهِ عَنْهُ فَوَجَبَ أَنْ تَبْطُلَ صَلَاتُهُ كَالْمُسْتَحَاضَةِ إِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا
وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ: وَهُوَ أَنَّهُ قَدَرَ عَلَى رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْهُ فَوَجَبَ أَنْ لَا تَبْطُلَ صَلَاتُهُ أَصْلًا
أَصْلُهُ: إِذَا قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ، وَلِأَنَّ الْقُعُودَ بَدَلٌ عَنِ الْقِيَامِ، وَالِاضْطِجَاعَ بَدَلٌ عَنِ القعود، فلما تقرر أن القاعد عَلَى الْقِيَامِ يَنْتَقِلُ إِلَى الْمُبْدَلِ، وَيَبْنِي عَلَى صلاته كذلك المضطجع إذا قدر على العقود يَنْتَقِلُ إِلَى مُبْدَلِهِ، وَيَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ فَهُوَ مُنْتَقَضٌ بِالْقَاعِدِ إِذَا قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ
وَالْمَعْنَى فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ الْمُسْتَحَاضَةِ، كَوْنُهَا مُحْدِثَةً فِي تَضَاعِيفِ الصَّلَاةِ فَخَالَفَتِ الْعَاجِزَ إِذَا صَحَّ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ عَلَى الْعَاجِزِ الْمُضْطَجِعِ أَنْ يَقُومَ إِذَا قَدَرَ وَيَبْنِيَ عَلَى صَلَاتِهِ، وَأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَقُمْ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ، لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ الْجُلُوسَ فِي وضع الْقِيَامِ فَوَجَبَ أَنْ يُبْطِلَ صَلَاتَهُ، كَمَا لَوْ كَانَ قَائِمًا فَقَعَدَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْقُعُودِ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: لَا يُبْطِلُ صَلَاتَهُ لَكِنْ تَصِيرُ نَفْلًا، وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ، فَإِذَا بطلت صلاة الإمام بترك القيام ولا يعلم المؤموم بِحَالِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَصَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ، لِأَنَّ قُدْرَةَ الْإِمَامِ عَلَى الْقِيَامِ أَمْرٌ يَخْفَى عَلَيْهِمْ فَلَمْ يُكَلَّفُوا الْوُصُولَ إِلَى مَعْرِفَتِهِ فَصَارُوا كَمَنْ صَلَّى خَلْفَ جُنُبٍ وهم لا يعلموا بِحَالِهِ، وَإِنْ عَلِمُوا قُدْرَتَهُ عَلَى الْقِيَامِ أَخْرَجُوا أَنْفُسَهُمْ مِنْ إِمَامَتِهِ وَبَنَوْا عَلَى صَلَاتِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجُوا مِنْ إِمَامَتِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ، كَمَنْ صَلَّى خَلْفَ جُنُبٍ وَهُوَ يعلم بجنايته
: قَالَ الشافعيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَكَذَلِكَ إِنْ صَلَّى قَائِمًا رَكْعَةً ثُمَّ ضعُف عَنِ الْقِيَامِ أَوْ أصابته عِلّة مانعةُ فَلَهُ أَنْ يَقْعُدَ وَيَبْنِيَ عَلَى صلاته "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ
إِذَا أَحْرَمَ الْإِمَامُ بِالصَّلَاةِ قَائِمًا لِصِحَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ، ثُمَّ عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ لِعِلَّةٍ أَصَابَتْهُ أَوْ لِضَعْفٍ غَلَبَ عَلَيْهِ، فَلَهُ أَنْ يَقْعُدَ وَيَبْنِيَ عَلَى صَلَاتِهِ جَالِسًا وَيُجْزِئُهُ، لِأَنَّهُ لَوِ افْتَتَحَهَا جَالِسًا لِعَجْزِهِ كَانَ لَهُ إِتْمَامُهَا وَهُوَ جَالِسٌ فَكَانَ مَا افْتَتَحَهُ قَائِمًا، ثُمَّ طَرَأَ الْعَجْزُ فِي بَعْضِهِ أَوْلَى بِإِتْمَامِهِ، فَإِنْ عجز عن القعود لغلبة عليه ووهي قُوَاهُ اضْطَجَعَ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ مُومِيًا وَأَجْزَأَهُ
(مَسْأَلَةٌ)
: قال: " وَإِنْ صَلَّتْ أَمَةٌ رَكْعَةً مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ وَرَكَعَتْ ثُمَّ أُعتقت فَعَلَيْهَا أَنْ