وَيَكُونُ عَلَى ثِقَةٍ بِهِ فَقَدْ حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ قَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ سَبْعِينَ شَيْخًا أَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ بِأَدْعِيَتِهِمْ لَا أَرْوِي عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ حَدِيثًا، وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ سَلَامَةٍ لَا تُؤْمَنُ غَفْلَتُهُمْ وَإِنْ قَوِيَتْ دِيَانَتُهُمْ.
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ إِذَا كَانَ ضَابِطًا قَدْ قِيلَ الْمَصْدَرُ الْأَوَّلُ رِوَايَاتُ الْأَعْرَابِ وَأَهْلِ الْبَوَادِي، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ".
وَهَذِهِ الشُّرُوطُ الْأَرْبَعَةُ تُعْتَبَرُ فِي الشَّهَادَةِ كاعتبارها في الخبر.
( [القول في خبر الأعمى والعبد]
وَيُقْبَلُ خَبَرُ الْأَعْمَى وَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، وَيُقْبَلُ خَبَرُ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ.
لِأَنَّ الْخَبَرَ لِاخْتِصَاصِهِ بِالدِّينِ تُعْتَبَرُ فِيهِ شُرُوطُ الْمُفْتِي وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِ شُرُوطُ الشَّاهِدِ وَفُتْيَا الأعمى والعبد مقبولة كذلك خبرهما.
( [القول في أخبار النساء] )
:
وَتُقْبَلُ أَخْبَارُ النِّسَاءِ.
وَامْتَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ قَبُولِ أَخْبَارِ النِّسَاءِ فِي الدِّينِ إِلَّا أَخْبَارَ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ.
وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَوْ كَانَ نَقْصُ الْأُنُوثَةِ مَانِعًا لَعَمَّ.
وَالثَّانِي: أَنَّ قَبُولَ قَوْلِهِنَّ فِي الْفُتْيَا يُوجِبُ قَبُولَهُ فِي الْأَخْبَارِ لِأَنَّ الْفُتْيَا أَغْلَظُ شُرُوطًا.
وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ التَّحَمُّلِ: فَلِلْمُسْتَمِعِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَسْمَعَ مِنْ لَفْظِ الْمُحَدِّثِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَقْرَأَهُ عَلَى الْمُحَدِّثِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يُجِيزَهُ الْمُحَدِّثُ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يُكَاتِبَهُ بِهِ الْمُحَدِّثُ.
فَأَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى فِي سَمَاعِهِ مِنْ لَفْظِ الْمُحَدِّثِ فَيَصِحُّ تَحَمُّلُهُ عَنْهُ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ قَصْدٍ وَاسْتِرْعَاءٍ أَوْ كَانَ بِاتِّفَاقٍ وَمُذَاكَرَةٍ بخلاف الشهادة.