الحاوي الكبير (صفحة 7440)

يَكُونُ رَافِعًا لَهُ فِي الْمَعْنَى وَلَا يَكُونُ نَسْخًا فِي الْحُكْمِ كَالَّذِي رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا قَامَ فِي اللَّيْلِ لِيَقْرَأَ سُورَةً فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا وَقَامَ آخَرُ لِيَقْرَأَهَا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عنها فقال " رفعت البارحة ".

( [القول في أحوال النسخ] )

:

وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ فِي أَحْوَالِ النَّسْخِ: فَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: مَا نُسِخَ إِلَى مِثْلِهِ فِي الْخِفَّةِ وَالتَّغْلِيظِ كَنَسْخِ اسْتِقْبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا نُسِخَ إِلَى مَا هُوَ أَغْلَظُ مِنْهُ كَنَسْخِ صِيَامِ الْأَيَّامِ الْبِيضِ بِصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَكَنَسْخِ الْحَبْسِ فِي الزِّنَا بِالرَّجْمِ.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: مَا نُسِخَ إِلَى مَا هُوَ أَخَفُّ مِنْهُ كَنَسْخِ الْعِدَّةِ حَوْلًا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَكَنَسْخِ مُصَابَرَةِ الْوَاحِدِ لِعشَرَةٍ فِي الْجِهَادِ بِمُصَابَرَتِهِ لِاثْنَيْنِ.

وَالضَّرْبُ الرَّابِعُ: مَا نُسِخَ إِلَى غَيْرِ بَدَلٍ كَنَسْخِ قِيَامِ اللَّيْلِ فِي قَوْلِهِ {قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا} [المزمل: 2] بِقَوْلِهِ {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] فَنُسِخَ فَرْضُهُ بِغَيْرِ بَدَلٍ.

وَالضَّرْبُ الْخَامِسُ: مَا نُسِخَ التَّخْيِيرُ فِيهِ بَيْنَ شَيْئَيْنِ بِإِسْقَاطِ أَحَدِهِمَا وَانْحِتَامِ الْآخَرِ كَقَوْلِهِ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] فَكَانَ مُخَيِّرًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بَيْنَ صِيَامِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ بِمُدٍّ فَنُسِخَ التَّخْيِيرُ بِانْحِتَامِ الصِّيَامِ بِقَوْلِهِ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فليصمه} [البقرة: 185] .

( [القول في زمان النسخ] )

وَأَمَّا الْقِسْمُ الْخَامِسُ فِي زَمَانِ النَّسْخِ: فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: يَجُوزُ النَّسْخُ فِي أَحَدِهَا وَلَا يَجُوزُ فِي الْآخَرِ وَعَلَى خِلَافٍ فِي الثَّالِثِ.

فْالضَّرْبُ الْأَوَّلُ: الَّذِي يَجُوزُ النَّسْخُ فِيهِ وَهُوَ بَعْدَ اعْتِقَادِ الْمَنْسُوخِ وَالْعَمَلِ بِهِ فَيَرِدُ النَّسْخُ بَعْدَ الْعَمَلِ بِالْمَنْسُوخِ فَهَذَا جَائِزٌ سَوَاءٌ عَمِلَ بِهِ جَمِيعُ النَّاسِ كَاسْتِقْبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ عَمِلَ بِهِ بَعْضُهُمْ كَفَرْضِ الصَّدَقَةِ فِي مُنَاجَاةِ الرَّسُولِ نُسِخَتْ بَعْدَ أَنْ عَمِلَ بِهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَحْدَهُ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: الَّذِي لَا يَجُوزُ النَّسْخُ فِيهِ فَهُوَ قَبْلَ اعْتِقَادِ الْمَنْسُوخِ وَالْعِلْمِ بِهِ فَلَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015