: قال الشافعي رضي الله عنه: فِي أَرْفَقِ الْأَمَاكِنِ بِهِ وَأَحْرَاهَا أَنْ لَا تُسْرِعَ مَلَالَتُهُ فِيهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يُرِيدُ بِأَرْفَقِ الْأَمَاكِنِ بِهِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ إِنِ احْتَاجَ فِيهِ إِلَى الْغَائِطِ أَوِ الْبَوْلِ قَدَرَ عَلَيْهِ وَإِنْ عَطَشَ شَرِبَ الْمَاءَ فِيهِ وَإِنْ جَاعَ أَكَلَ فِيهِ الطَّعَامَ، لِأَنَّهَا أَحْوَالٌ لَا يَسْتَغْنِي الْقَاضِي عَنْهَا.
وَيُرِيدُ بِقَوْلِهِ وَأَحْرَاهَا أَنْ لَا تُسْرِعَ مَلَالَتُهُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ يَقِي مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالشَّمْسِ وَالْمَطَرِ كَثِيرَ الضَّوْءِ حتى يَنَالَهُ أَذًى فَيَضَّجِرُ وَلَا سَآمَةٌ فَيَمَلَّ لِيَكُونَ عَلَى أَكْمَلِ أَحْوَالِهِ.
(كَرَاهَةُ إِقَامَةِ الْحُدُودِ فِي المساجد)
:
(مسألة)
: قال الشافعي رضي الله عنه: وَأَنَا لِإِقَامَةِ الْحَدِّ فِي الْمَسْجِدِ أَكْرَهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ أَنَّ إِقَامَةَ الْحُدُودِ فِي الْمَسَاجِدِ مَكْرُوهَةٌ.
وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ لِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا أَشْهَرُ نَكَالًا وَأَبْلَغُ زَجْرًا كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَالثَّانِي أَنَّهُمَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ فَكَانَتِ الْمَسَاجِدُ بِهَا أَخَصَّ كَالْعِبَادَاتِ.
وَدَلِيلُنَا مَا رَوَى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ وَقَدْ رَوَى حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَى أَنْ تقَام الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ وَأَنْ يُسْتَقَادَ فِيهَا وَلِأَنَّ الْحُدُودَ رُبَّمَا أَرْسَلَتْ حَدَثًا وَأَنْهَرَتْ دَمًا وَصِيَانَةُ الْمَسْجِدِ مِنَ الْأَنْجَاسِ وَاجِبَةٌ، وَلِأَنَّ صِيَاحَ الْمَحْدُودِ قَاطِعٌ لِخُشُوعِ الْمُصَلِّينَ.
وَاسْتِدْلَالُهُ بِالْأَمْرَيْنِ مَدْخُولٌ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ فِيهِ مَا يخاف من الحدود.
(لا يحكم وهو غضبان)
:
(مسألة)
: قال الشافعي رضي الله عنه: وَمَعْقُولٌ فِي قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ وَلًا يَقْضِي الْقَاضِيَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ " أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي حِينَ يَحْكُمُ