فَرْضِهِ عَلَيْهِ وَمَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فَرْضٌ أُخِذَ به جبرا.
(ولاية المفضول مع وجود الأفضل)
:
وَإِذَا تَكَامَلَتْ شُرُوطُ الْقَضَاءِ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ الْأَوْلَى بِالْإِمَامِ أَنْ يُقَلِّدَ أَفْضَلَهُمْ.
فَإِنْ عَدَلَ عَنِ الْأَفْضَلِ إِلَى الْمُقَصِّرِ انْعَقَدَتْ وِلَايَتُهُ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى كَمَالِ الشُّرُوطِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ.
وَلَوْ تَكَامَلَتْ شُرُوطُ الْإِمَامَةِ فِي جَمَاعَةٍ وَجَبَ عَلَى أَهْلِ الِاخْتِيَارِ مِنْ أَهْلِ الْعَقْدِ أَنْ يُقَلِّدُوا أَفْضَلَهُمْ.
وَإِنْ عَدَلُوا عَنِ الْأَفْضَلِ إِلَى الْمَفْضُولِ لِعُذْرٍ صَحَّ الْعَقْدُ.
وَإِنْ عَدَلُوا عَنْهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ إِمَامَتِهِ فَذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ إِلَى صِحَّتِهَا كَالْقَضَاءِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى فَسَادِهَا لِفَسَادِ الِاخْتِيَارِ فِي الْعُدُولِ عَنِ الْأَفْضَلِ إِلَى الْمَفْضُولِ.
وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْإِمَامَةِ وَالْقَضَاءِ بِأَنَّ الْقَضَاءَ نِيَابَةٌ خَاصَّةٌ فَجَازَ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا عَلَى اخْتِيَارِ الْمُسْتَنِيبِ كَالْوَكَالَةِ وَالْإِمَامَةُ وِلَايَةٌ عَامَّةٌ وَلَمْ يَصِحَّ فِيهَا تَفْرِيطُ أَهْلِ الِاخْتِيَارِ لافتياتهم على غيرهم.
(تقليد طالب القضاء)
:
وَإِذَا تَكَافَأَتِ الْجَمَاعَةُ فِي شُرُوطِ الْقَضَاءِ وَكَانَ فِيهِمْ طَالِبٌ لِلْوِلَايَةِ وَفِيهِمْ مُمْسِكٌ عَنْهَا فَالْأَوْلَى بِالْإِمَامِ أَنْ يُقَلِّدَ الْمُمْسِكَ دُونَ الطَّالِبِ. لِأَنَّهُ أَرْغَبُ فِي السَّلَامَةِ.
فَإِنِ امْتَنَعَ لِعُذْرٍ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ.
وَإِنِ امْتَنَعَ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَفِي جَوَازِ إِجْبَارِهِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا نِيَابَةٌ لَا يَدْخُلُهَا الْإِجْبَارُ كَالْوَكَالَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُجْبَرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِطَاعَةٍ إِنْ تُرِكَ فِيهَا عَلَى امْتِنَاعِهِ جَازَ أَنْ يَكُونَ حَالُ غَيْرِهِ مِثْلَ حَالِهِ فَيُفْضِي الْأَمْرُ إِلَى تَعْطِيلِ الْقَضَاءِ.
وَخَالَفَ حَالَ الْوَكَالَةِ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِطَاعَةٍ.
فَإِنْ عَدَلَ الْإِمَامُ عَنِ الْمُمْسِكِ إِلَى الطَّالِبِ جَازَ وَصَحَّ تَقْلِيدُهُ بَعْدَ أَنِ اعْتَبَرَ حَالَ الطَّالِبِ فِي طَلَبِهِ.
وَلَهُ فِيهِ خَمْسَةُ أَحْوَالٍ، مُسْتَحَبٌّ وَمَحْظُورٌ وَمُبَاحٌ وَمَكْرُوهٌ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ.
فَأَمَّا الْحَالُ الْأُولَى: وَهُوَ الطَّلَبُ الْمُسْتَحَبُّ فَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْحُقُوقُ مُضَاعَةً بِجَوْرٍ أَوْ عَجْزٍ وَالْأَحْكَامُ فَاسِدَةٌ بِجَهْلٍ أَوْ هَوًى فَيَقْصِدُ بِطَلَبِهِ حِفْظَ الْحُقُوقِ وَحِرَاسَةَ الْأَحْكَامِ فَهَذَا