الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ هَاهُنَا لِأَنَّ اسْمَ الرَّقَبَةِ، يَنْطَلِقُ عَلَيْهَا مَعَ اخْتِلَافِ أَحْوَالِهَا، فَرُوعِيَ مَا انْطَلَقَ عَلَيْهِ الِاسْمُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ مَا يُجْزِئُ، فِي الْكَفَّارَةِ فَتَكُونُ مُؤْمِنَةٍ سَلِيمَةٍ مِنَ الْعُيُوبِ الْمُضِرَّةِ بِالْعَمَلِ إِضْرَارًا بَيِّنًا، وَلَا يُجْزِئُ عِتْقُ كَافِرَةٍ، وَلَا ذَاتُ عَيْبٍ يَضُرُّ بِالْعَمَلِ، لِأَنَّ النَّذْرَ مَحْمُولٌ عَلَى عُرْفِ الشَّرْعِ، وَتَأَوَّلَ قَائِلُ هَذَا الْوَجْهِ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ: " فَأَيُّ رَقَبَةٍ أَعْتَقَ أَجْزَاهُ " يَعْنِي: مِنْ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ، لِأَنَّ عِتْقَ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ فِي الْكَفَّارَاتِ سَوَاءٌ.
وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ مِنِ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِيمَنْ نَذَرَ الْهَدْيَ، هَلْ يُجْزِئُ فِيهِ مَا أُطْلِقَ عَلَيْهِ الِاسْمُ، أَوْ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ عُرْفُ الشَّرْعِ، وَعَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ فِي نَذْرِ الصَّلَاةِ هَلْ يُجْزِئُ فِيهِ أَقَلُّ مَفْرُوضَاتِهَا، أَوِ الأقل من جميعها.
قال الشافعي: " ولو قال رجلٌ لآخر يميني في يمنيك فَحَلَفَ فَالْيَمِينُ عَلَى الْحَالِفِ دُونَ صَاحِبِهِ (قَالَ المزني) رحمه الله فقلت له فإن قال يميني في يمينك بالطلاق فحلف أعليه شيءٌ؟ فقال لا يمين إلا على الحالف دون صاحبه (قال المزني) رحمه الله قال لي عليّ بن معبدٍ في المشي كفارة يمينٍ عن زيدٍ وابن عمر وحفصة وميمون بن مهران والقاسم بن محمدٍ والحسن وعبد الله بن عمر الجوزي وروايةٍ عن محمد بن الحسن والحسن وقال سعيد بن المسيب لا كفارة عليه أصلاً وعطاءٍ وشريكٍ وسمعته يقول: ذلك وذكر عن الليث كفارة يمينٍ في ذلك كله إلا سعيدٌ فإنه قال لا كفارة (قال المزني) حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن منصور بن عبد الرحمن الحجبي عن أمه صفية بنت شيبة أن ابن عمٍّ لها جَعَلَ مَالَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ فِي رتاج الكعبة فقالت قالت عائشة هي يمينٌ يكفرها ما يكفر اليمين وحدثنا الحميدي قال حدثنا ابن أبي روادٍ عن الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قال فيمن جعل ماله في سبيل الله يمينٌ يكفرها ما يكفر اليمين قال الحميدي وسمعت الشافعي وسفيان يفتيان به. قال الحميدي وهو قولي ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا قَوْلُهُ: " يَمِينِي فِي يَمِينِكَ " أَيْ عَلَى مِثْلِ يَمِينِكَ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَحْلِفْ وَأَرَادَ كُلَّ يَمِينٍ، يَحْلِفُ بِهَا مِنْ بَعْدُ، فعلى مثلها وأنا ملتزم لها، ما حكم لهذا القول، فلا يلزمه فلا يَحْلِفُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ،