فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّنَا نَقُولُ إِنَّهَا تُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَنَقْلُ فِعْلٍ قَدْ رَوَيْنَا مَا يُعَارِضُهُ، مَعَ قَوْلٍ يعاضده فكان ما ذهبنا إليه أولى
فَأَمَّا صَلَاةُ النَّافِلَةِ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى القيام فجائز، ولو صلاها قائماً فكان أَوْلَى، وَلَوْ صَلَّاهَا قَائِمًا مُضْطَجِعًا مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ وَلَا سَفَرٍ جَازَ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صَلَاةُ الْقَاعِدِ فِي الْأَجْرِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ "، وَهَذَا وَارِدٌ فِي النَّفْلِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ دُونَ الْفَرْضِ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْفَرْضَ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ
وَالثَّانِي: أَنَّ الْعَاجِزَ عَنِ الْقِيَامِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ إِذَا صَلَّى قَاعِدًا حَسْبَ طَاقَتِهِ كَانَ كَالْمُصَلِّي قَاعِدًا فِي التَّمَامِ والأجر، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا مِنْ أَحَدٍ يَعْمَلُ فِي صِحَّتِهِ عَمَلًا فَعَجَزَ عَنْهُ عِنْدَ مَرَضِهِ إِلَّا وَكَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مَلَكًا يَكْتُبُ لَهُ ثَوَابَ مَا تَرَكَ مِمَّا عَجَزَ عَنْهُ "، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ النَّوَافِلُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى القيام
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَأَمَّا قِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَصَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ وَرَأَيْتُهُمْ بِالْمَدِينَةِ يَقُومُونَ لِتِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَأَحَبُّ إِلَيَّ عِشْرُونَ، لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَذَلِكَ يَقُومُونَ بِمَكَّةَ وَيُوتِرُونَ بِثَلَاثَةٍ "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: " أَمَّا الْأَصْلُ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَهِيَ صَلَاةُ التَّرَاوِيحِ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَجَمَعَهُمْ وَصَلَّى بِهِمْ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهِمْ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ فَجَمَعَهُمْ وَصَلَّى بِهِمْ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ انْتَظَرُوهُ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ فَصَلَّوْا مُتَفَرِّقِينَ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قَدْ عَلِمْتُ بِاجْتِمَاعِكُمْ، وَإِنَّمَا تَأَخَّرْتُ لِأَنِّي خِفْتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ " وَكَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ بَعْدَ ذَلِكَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبِي بَكْرٍ وَأَوَّلِ خِلَافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَجْمَعُ النَّاسَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَيُصَلِّي بِهِمُ الْعَشْرَ الْأُوَلَ، وَالْعَشْرَ الثَّانِيَ وَيَتَخَلَّى لِنَفْسِهِ فِي الْعَشْرِ الثَّالِثِ، إِلَى أَنْ قَرَّرَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَمَعَ النَّاسَ عَلَيْهَا، وَكَانَ السَّبَبُ فِيهِ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِذَا