وَبِرِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْوِتْرُ حَقٌّ فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا، مَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا "
قَالُوا: فَنَفَى تَارِكَ الْوِتْرِ عَنِ الْمِلَّةِ فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِهِ لِيَسْتَحِقَّ هَذِهِ الصِّفَةَ بِتَرْكِهِ
وَبِرِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ فَأَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ "
وَهَذَا أَمْرٌ
وَبِرِوَايَةِ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ " وَلَفْظُهُ على لفضه وجوب
وبرواية فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ: " الْوِتْرُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ " وَلِأَنَّهَا صَلَاةُ وِتْرٍ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ وَاجِبَةً كَالْمَغْرِبِ
وَالدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ سُنَّةٌ قَوْله تَعَالَى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] ، فَلَوْ كَانَتِ الْوِتْرُ وَاجِبَةً لَكَانَتْ سِتًّا، وَالسِّتُّ لَا تَصِحُّ أَنْ يَكُونَ لَهَا وُسْطَى فَعُلِمَ أَنَّهَا خَمْسٌ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ: " مَا الْإِسْلَامُ قَالَ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، قَالَ: فَهَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَيْهَا وَلَا أَنْقُصُ مِنْهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ " فَكَانَ فِي هَذَا الْخَبَرِ ثَلَاثَةُ أَدِلَّةٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الْفَرْضِ الَّذِي عَلَيْهِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خَمْسٌ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ "، وَلَمْ يَقُلْ سِتٌّ
وَالثَّانِي: قَوْلُهُ: " هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا " فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا " فَنَفَى عَنْهُ وُجُوبَ غَيْرِهَا، ثُمَّ أَكَّدَ النفي بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ "
وَالثَّالِثُ: قَوْلُ الْأَعْرَابِيِّ " وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَيْهَا، وَلَا أَنْقُصُ مِنْهَا " فَقَالَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ "، فَلَوْ كَانَ الْوِتْرُ وَاجِبًا لَمْ يَكُنْ بِتَرْكِهِ مُفْلِحًا