الْبَاطِنِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: وَرَبِّ هَذِهِ الدَّارِ، فَلَا يَكُونُ حَالِفًا فِي الظَّاهِرِ، لِأَنَّهُ فِي الْعُرْفِ إِشَارَةٌ إِلَى مَالِكِهَا، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ بِهِ خَالِقَهَا، وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى، كَانَ حَالِفًا.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: مَا اعْتُبِرَ فِيهِ عُرْفُ الْحَالِفِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: وَرَبِّي، فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ يُسَمُّونَ السَّيِّدَ فِي عُرْفِهِمْ رَبًّا، لَمْ يَكُنْ حَالِفًا فِي الظَّاهِرِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ اللَّهَ تَعَالَى، فَيَصِيرُ بِهِ حَالِفًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ لَا يُسَمُّونَ الرَّبَّ فِي عُرْفِهِمْ إِلَّا اللَّهَ تَعَالَى كَانَ حَالِفًا فِي الظَّاهِرِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَكُونُ حَالِفًا فِي الْبَاطِنِ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ فِي الْحَالَيْنِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْاً) {يوسف: 36) . يَعْنِي سَيِّدَهُ.
وَحُكِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ) {الصافات: 99) . يَعْنِي اللَّهَ تَعَالَى، فَكَانَ الرَّبُّ فِي إِبْرَاهِيمَ وَيُوسُفَ مُخْتَلِفًا فِي الْمُرَادَ بِهِ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي الْعُرْفِ.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى: مَا كَانَ إِطْلَاقُهُ مُخْتَصًّا بِاللَّهِ تَعَالَى فِي الظَّاهِرِ، وَاخْتَلَفَ فِي جَوَازِ الْعُدُولِ بِهِ عَنِ الْبَاطِنِ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْمَاءٍ:
الْقُدُّوسُ، وَالْخَالِقُ، وَالْبَارِئُ.
فَأَمَّا الْقُدُّوسُ: فَهُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى مُخْتَصٌّ بِهِ فِي الْعُرْفِ، وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: إِنَّهُ الْمُبَارَكُ، قَالَهُ قَتَادَةُ.
وَالثَّانِي: إِنَّهُ الطَّاهِرُ، قَالَهُ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ.
وَالثَّالِثُ: إِنَّهُ الْمُنَزَّهُ مِنَ الْقَبَائِحِ.
وَالرَّابِعُ: إِنَّهُ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنْ تَقْدِيسِ الْمَلَائِكَةِ، فَإِذَا حَلَفَ بِالْقُدُّوسِ كَانَ كَالْحَالِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى فِي الظَّاهِرِ، فَإِنْ عَدَلَ بِهِ عَنِ الْبَاطِنِ إِلَى غَيْرِهِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ، وَلَا يَصِيرُ بِهِ حَالِفًا فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، إِذَا قِيلَ: إِنَّ مَعْنَاهُ الْمُبَارَكُ أَوِ الطَّاهِرُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ، وَيَكُونُ حَالِفًا، وَيَكُونُ ظَاهِرًا فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ إِذَا قِيلَ: إِنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ تَقْدِيسِ الْمَلَائِكَةِ، وَإِنَّهُ الْمُنَزَّهُ مِنْ جَمِيعِ الْقَبَائِحِ.
وَأَمَّا الْخَالِقُ: فَمِنْ أَسْمَائِهِ، وَفِي مَعْنَاهُ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ الْمُحْدِثُ لِلْأَشْيَاءِ عَلَى إِرَادَتِهِ.
وَالثَّانِي: إِنَّهُ الْمُقَدِّرُ لَهَا بِحِكْمَتِهِ، فَإِذَا حَلَفَ بِالْخَالِقِ كَانَ حَالِفًا فِي الظَّاهِرِ، فَإِنْ عَدَلَ بِهِ فِي الْبَاطِنِ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، ففيه وجهان: