وَالْهَدَفُ تُرَابٌ ثَائِرٌ أَوْ طِينٌ لَيِّنٌ، فَلَا يُحْتَسَبُ بِهِ مُصِيبًا، وَلَا مُخْطِئًا، أَمَّا الْإِصَابَةُ فَلِجَوَازِ أَنْ لَا يَخْسِقَ الشَّنَّ، وَأَمَّا الْخَطَأُ فَلِعَدَمِ مَا خَسَقَ مَعَ بِلَى الشَّنِّ.
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَتَسَاوَى الشَّنُّ وَالْهَدَفُ فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، فَلَا يُحْتَسَبَ بِهِ مُخْطِئًا، وَفِي الِاحْتِسَابِ بِهِ مُصِيبًا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يُحْتَسَبُ مِنْ إِصَابَةِ الْخَسْقِ، لِأَنَّ ثُبُوتَهُ فِي الْهَدَفِ قَائِمٌ مُقَامَ ثُبُوتِهِ فِي الشَّنِّ عِنْدَ تَسَاوِيهِمَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُحْتَسَبُ فِي إِصَابَةِ الْخَسْقِ، وَيُحْتَسَبُ فِي إِصَابَةِ الْقَرْعِ عَلَى الْأَحْوَالِ كُلِّهَا.
قَالَ الشافعي: " وَإِنْ أَصَابَ طَرَفَ الشَّنِّ فَخَرَقَهُ فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ خَاسِقًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الشَّنِّ طعنةٌ أَوْ خيطٌ أَوْ جلدٌ أَوْ شيءٌ مِنَ الشَّنِّ يُحِيطُ بِالسَّهْمِ وَيُسَمَّى بِذَلِكَ خَاسِقًا وَقَلِيلٌ ثبوته وكثيره سواءُ (قال) ولا يعرف الناس إذا وجهوا بأن يقال خاسقٌ إلا ما أحاط به المخسوق فيه ويقال للآخر خارمٌ لا خاسقٌ والقول الآخر أن يكون الخاسق قد يقع بالاسم على ما أوهن الصحيح فخرقه فإذا خرق منه شيئاً قل أو كثر ببعض النصل سمي خاسقاً لأن الخسق الثقب وهذا قد ثقب وإن خرق قال: وإذا وقع في خرق وثبت في الهدف كان خاسقاً والشن أضعف من الهدف ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا خَرَمَ السَّهْمُ الشَّنَّ فِي إِصَابَةِ الْخَوَاسِقِ، وَالْخَارِمُ هُوَ أَنْ يَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّنِّ فَيَخْرِمَهَا وَيَثْبُتَ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ تَوَابِعِ الشَّنِّ مَا يُحِيطُ بِدَائِرِ السَّهْمِ مِنْ طُفْيَةٍ أَوْ خَيْطٍ، وَالطُّفْيَةُ خُوصُ الْمُقْلِ يُدَارُ فِي حَاشِيَةِ الشَّنِّ بِالْحِجَازِ، فَإِنْ كَانَتِ الطُّفْيَةُ بَاقِيَةً بِخَيْطٍ بِدَائِرِ السَّهْمِ الْخَارِمِ كَانَ خَاسِقًا، لِأَنَّ الطُّفْيَةَ فِيهِ مِنْ جُمْلَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَبَقَّ مَعَ الْخَرْمِ شيءٌ مِنْ حَاشِيَةِ الشَّنِّ، وَحَصَلَ مَا خَرَجَ مِنْ دَائِرِ السَّهْمِ مَكْشُوفًا فَلَا يَخْلُو مَوْضِعُ السَّهْمِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ غَيْرَ خَارِجٍ عَنْ دَائِرِ الشَّنِّ وَحَاشِيَتِهِ، وَإِنَّمَا سَقَطَ حَاشِيَةُ الشَّنِّ بِضَعْفِهِ، فَهَذَا يُحْتَسَبُ بِهِ خَاسِقًا، وَإِنْ خَرَمَ، لِأَنَّ خَرْمَهُ لِضَعْفِ الشَّنِّ لَا لِمَوْقِعِ السَّهْمِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ لِوُقُوعِ السَّهْمِ فِي الْحَاشِيَةِ، وَيَدْخُلُ بَعْضُ دَائِرِ السَّهْمِ فِي الشَّنِّ، وَيَخْرُجُ بَعْضُ دَائِرِهِ فِي الشَّنِّ، فَفِي الِاعْتِدَادِ بِهِ خَاسِقًا قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يُعْتَدُّ بِهِ خَاسِقًا لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّ اخْتِصَاصَهُ بِاسْمِ الْخَرْمِ قَدْ زَالَ عِنْدَ حُكْمِ الْخَسْقِ، لِأَنَّ الْخَسْقَ مَا