وَثَبَتَ فِيهِ كَانَ خَاسِقًا مَحْسُوبًا، وَسَوَاءٌ طَالَ ثُبُوتُهُ أَوْ قَصُرَ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِوُجُودِ الثُّبُوتِ لَا بِدَوَامِهِ، وَإِنْ ثَقَبَ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ، فَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ، لِأَنَّ اسْمَ الْخَسْقِ، لَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ صِفَتِهِ فِيهِ، وَخَرَّجَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِيهِ قَوْلًا آخَرَ: أَنَّهُ مَحْسُوبٌ لَهُ، لِأَنَّ سُقُوطَهُ بَعْدَ الثَّقْبِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِضَعْفِ الشَّنِّ أَوْ لِسَعَةِ الثَّقْبِ، فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ مَحْسُوبًا لِوُجُودِ الثَّقْبِ الَّذِي هُوَ أَلْزَمُ الصِّفَتَيْنِ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّهُ يُصَيِّرُ الْخَاسِقَ مُسَاوِيًا لِلْخَازِقِ وَاخْتِلَافُ اسْمِهِمَا يوجب اختلاف حكمهما.
قال الشافعي: " وَلَوْ تَشَارَطَا الْمُصِيبَ فَمَنْ أَصَابَ الشَّنَّ وَلَمْ يَخْرِقْهُ حُسِبَ لَهُ لِأَنَّهُ مصيبٌ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا تَشَارَطَا الْإِصَابَةَ احْتُسِبَ كُلُّ مُصِيبٍ مِنْ قَارِعٍ، وَخَازِقٍ، وَخَاسِقٍ، لِأَنَّ جَمِيعَهَا تُصِيبُ، وَهَكَذَا لَوْ تَشَارَطَا الْإِصَابَةَ قَرْعًا احْتُسِبَ بِالْقَارِعِ وَبِالْخَازِقِ وَبِالْخَاسِقِ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْقَرْعِ وَلَوْ تَشَارَطَا الْخَوَاصَلَ احْتُسِبَ بِكُلِّ مُصِيبٍ، لِأَنَّ إِصَابَةَ الْخَوَاصِلِ تَشْتَمِلُ عَلَى كُلِّ مُصِيبٍ مِنْ قَارِعٍ، وَخَارِقٍ، وَخَاسِقٍ.
فَأَمَّا الْخَوَاصِلُ فَهُوَ مَا أَصَابَ جَانِبَ الشَّنِّ، فَإِنْ شَرَطَاهُ فِي الرَّمْيِ لَمْ يُحْتَسَبِ الْآنَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَاهُ احْتُسِبَ لَهُ مَعَ كُلِّ مُصِيبٍ فِي الشَّنِّ إِذَا كَانَتِ الْإِصَابَةُ مَشْرُوطَةً فِي الشَّنِّ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَنَاضَلَا عَلَى أَنْ تَكُونَ إِصَابَةُ أَحَدِهِمَا قَرْعًا، وَإِصَابَةُ الْآخَرِ خَسْقًا حَتَّى يَتَكَافَآ فِي الْإِصَابَةِ قَرْعًا أَوْ خَسْقًا، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْعَقْدِ مَعْرِفَةُ أَحْذَقِهِمَا بِالرَّمْيِ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَنَاضَلَا عَلَى أَنْ تَكُونَ إِصَابَةُ أَحَدِهِمَا خَمْسَةً مِنْ عِشْرِينَ، وَإِصَابَةُ الْآخَرِ عَشَرَةً مِنْ عِشْرِينَ، لِمَا فِيهِ مِنَ التَّنَاضُلِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ بِهِ الْأَحْذَقُ.
(فَصْلٌ:)
وَلَوْ تَشَارَطَا الْإِصَابَةَ قَرْعًا عَلَى أَنْ يُحْتَسَبَ بِخَاسْقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَارْعَيْنِ وَيُعْتَدَّ بِهِ إِصَابَتَيْنِ كَانَ هَذَا جَائِزًا لِتَكَافُئِهِمَا فِيهِ، لِتَكُونَ زِيَادَةُ الصِّفَةِ مُقَابِلًا لِزِيَادَةِ الْعَدَدِ.
فَعَلَى هَذَا لَوْ شَرَطَا إِصَابَةَ عَشَرَةٍ مِنْ عِشْرِينَ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ، فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا تِسْعَةً قَرْعًا وَأَصَابَ الْآخَرُ قَارْعَيْنِ، وَأَرْبَعَةَ خَوَاسِقَ، فَقَدْ نَضَلَ مَعَ قِلَّةِ إِصَابَتِهِ، لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَكْمَلَ بِمُضَاعَفَةِ الْخَوَاسِقِ الْأَرْبَعَةِ مَعَ الْقَارْعَيْنِ إِصَابَةَ عَشَرَةٍ نَقَصَ الْآخَرُ عَنْهُمَا بِإِصَابَةِ واحد فصار بها منضولاً.
(مسألة:)
قال الشافعي: " وَإِذَا اشْتَرَطَا الْخَوَاسِقَ وَالشَّنُّ ملصقٌ بِالْهَدَفِ فَأَصَابَ ثَمَّ رَجَعَ فَزَعَمَ الرَّامِي أَنَّهُ خَسَقَ ثَمَّ رَجَعَ لغلظٍ لَقِيَهُ مِنْ حَصَاةٍ وَغَيْرِهَا وَزَعَمَ الْمُصَابُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَخْسَقْ وَأَنَّهُ إِنَّمَا قَرَعَ ثَمَّ رَجَعَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بينةٌ فَيُؤْخَذَ بِهَا ".