اسْتِكْمَالِ إِصَابَتِهِ فِي أَقَلِّ الْعَدَدَيْنِ عَلَى مَا سَنَصِفُهُ.
- وَالْمُحَاطَّةُ أَنْ يُحَطَّ أَقَلُّ الْإِصَابَتَيْنِ مِنْ أَكْثَرِهِمَا، وَيَكُونَ الْبَاقِي بَعْدَهَا هُوَ الْعَدَدَ الْمَشْرُوطَ عَلَى مَا سَنَشْرَحُهُ، فَإِنْ أَغْفَلَا ذَلِكَ وَمَا يَشْتَرِطَاهُ فَسَدَ الْعَقْدُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلرُّمَاةِ عُرْفٌ مَعْهُودٌ بِأَحَدِهِمَا، وَفِي فَسَادِهِ إِنْ كَانَ لَهُمْ عُرْفٌ مَعْهُودٌ وَجْهَانِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
وَالشَّرْطُ التَّاسِعُ: أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُخْرَجُ فِي النِّضَالِ مَعْلُومًا، لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي عَقْدٍ، وَيُسَمَّى هَذَا الْمَالُ الْمُخْرَجُ السَّبَقَ بِفَتْحِ الْبَاءِ، وَيُسَمَّى الْخَطَرَ، وَيُسَمَّى النَّدَبَ، وَيُسَمَّى الْوَجَبَ: وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَسْمَائِهِ، فَإِنْ أُغْفِلَ ذِكْرُ الْغَرَضِ كَانَ بَاطِلًا، وَلَا شَيْءَ لِلنَّاضِلِ إِذَا نَضَلَ، وَإِنْ جُهِلَ الْغَرَضُ كَانَ الْعَقْدُ بَاطِلًا، وَفِي اسْتِحْقَاقِهِ لِأُجْرَةِ مِثْلِهِ إِذَا نَضَلَ وَجْهَانِ:
(فَصْلٌ:)
وَالشَّرْطُ الْعَاشِرُ: أَنْ يُذْكَرَ الْمُبْتَدِئُ مِنْهُمَا بِالرَّمْيِ، وَكَيْفِيَّةُ الرَّمْيِ هَلْ يَتَرَامَيَانِ سَهْمًا وَسَهْمًا أَوْ خَمْسًا وَخَمْسًا، لِيَزُولَ التَّنَازُعُ وَيَعْمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ منهما على شرطه، فإن أغفل ذكر المبتدئ مِنْهُمَا بِالرَّمْيِ، فَفِي الْعَقْدِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ.
وَالثَّانِي: جَائِزٌ.
وَفِي الْمُبْتَدِئِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: مُخْرِجُ الْمَالِ.
وَالثَّانِي: مَنْ قَرَعَ.
وَإِنْ أُغْفِلَ عَدَدُ مَا يَرْمِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي بَدْئِهِ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَيَحْمِلَانِهِ عَلَى عُرْفِ الرُّمَاةِ إِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ، فَإِنِ اخْتَلَفَ عُرْفُهُمْ رَمَيَا سَهْمًا، فَهَذِهِ عَشَرَةُ شُرُوطٍ يُعْتَبَرُ بِهَا عَقْدُ الْمُنَاضَلَةِ.
فَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ
(الْمَسْأَلَةِ:)
" وكذلك لو سَبَقَ أَحَدُهُمَا قَرَعًا مَعْلُومًا "، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي مُرَادِهِ بِالْقَرَعِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْمَالَ وَيَكُونُ مِنْ أَسْمَائِهِ كَالْوَجَبِ وَالنَّدَبِ وَالْخَطَرِ - ذَكَرَهُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفِرَايِينِيُّ، وَحَكَاهُ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا إِنَّهُ أَرَادَ صِفَةَ الْإِصَابَةِ أَنَّهَا قَرْعٌ لَا خَزْقٌ وَلَا خَسْقٌ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ أَرَادَ بِالْقَرَعِ الرَّشْقَ فِي عَدَدِ الرَّمْيِ، وَلَهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ حُكْمٌ بَيَّنَّاهُ - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ -.