الحاوي الكبير (صفحة 7045)

وَالشَّرْطُ الْخَامِسُ: أَنْ يُحْفَظَ مِنْ دُخُولِ الْجَهَالَةِ فِي النِّضَالِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ.

(مسألة:)

قال الشافعي: " وَالْأَسْبَاقُ ثلاثةٌ سبقٌ يُعْطِيهِ الْوَالِي أَوْ غَيْرُ الْوَالِي مِنْ مَالِهِ وَذَلِكَ أَنْ يَسْبِقَ بَيْنَ الْخَيْلِ إِلَى غايةٍ فَيَجْعَلَ لِلسَّابِقِ شَيْئًا مَعْلُومًا وَإِنْ شَاءَ جَعَلَ لِلْمُصَلِّي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ فَهَذَا حلالٌ لِمَنْ جُعِلَ لَهُ لَيْسَتْ فِيهِ علةٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا السَّبْقُ، فَيُذْكَرُ تَارَةً بِتَسْكِينِ الْبَاءِ، وَتَارَةً بِفَتْحِهَا، وَهُوَ بِتَسْكِينِ الْبَاءِ فِعْلُ سَبَقَ مِنَ الْمُسَابَقَةِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْعِوَضُ الْمُخْرَجُ فِي الْمُسَابَقَةِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَالْأَسْبَاقُ ثَلَاثَةٌ " يُرِيدُ بِهِ الْعِوَضَ فِي الْأَسْبَاقِ ثَلَاثَةٌ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُخْرِجَهُ غَيْرُ الْمُتَسَابِقَيْنِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يُخْرِجَهُ الْمُتَسَابِقَانِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُخْرِجَهُ أَحَدُهُمَا.

فَأَمَّا السَّبَقُ الْأَوَّلُ الَّذِي يَرَاهُ الشَّافِعِيُّ؛ وَهُوَ الَّذِي يُخْرِجُهُ غَيْرُ الْمُتَسَابِقَيْنِ , فَيَجُوزُ سَوَاءٌ أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ أَخْرَجَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ مِنْ مَالِهِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ جَازَ , وَإِنْ أَخْرَجَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ الْجِهَادِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْأَئِمَّةِ , وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّ مَا فِيهِ مَعُونَةٌ عَلَى الْجِهَادِ جَازَ أَنْ يَفْعَلَهُ غَيْرُ الْأَئِمَّةِ , كَارْتِبَاطِ الْخَيْلِ وَإِعْدَادِ السِّلَاحِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ مَا جَازَ أَنْ يُخْرِجَهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ جَازَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ المسلمين لبناء المساجد والقناطر. فضل: فَإِذَا صَحَّ جَوَازُهُ مِنْ كُلِّ بَاذِلٍ لَمْ يَخْلُ التَّبَدُّلُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يختص به السابق وحدة دون غيره , كقول: إِذَا كَانَ الْمُتَسَابِقُونَ عَشَرَةً , فَقَدْ جَعَلْتُ لِلسَّابِقِ مِنْكُمْ عَشَرَةً , وَهَذَا جَائِزٌ , فَأَيُّهُمْ جَاءَ سابقاُ لجماعتهم استحق العشرة كلها , ولا شئ لِمَنْ بَعْدَهُ , وَإِنْ كَانُوا مُتَفَاضِلِينَ فِي السَّبَقِ , فَلَوْ سَبَقَ اثْنَانِ مِنَ الْجَمَاعَةِ , فَجَاءَا معاُ , وَتَأَخَّرَ الْبَاقُونَ , اشْتَرَكَ الِاثْنَانِ فِي الْعَشَرَةِ , لِتَسَاوِيهِمَا فِي السَّبَقِ , فَاسْتَوَيَا فِي الْأَخْذِ , وَلَوْ سَبَقَ خَمْسَةٌ اشْتَرَكُوا فِي الْأَخْذِ كَذَلِكَ , وَلَوْ سَبَقَ تِسْعَةٌ وَتَأَخَّرَ وَاحِدٌ اشْتَرَكُوا فِي الْعَشَرَةِ دُونَ المتأخر منهم , ولو جاؤوا مجيئاُ واحداُ لما يتأخر عنهم واحد منهم , فلا شئ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمْ سَابِقٌ , وَلَا مَسْبُوقٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015