الحاوي الكبير (صفحة 7038)

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ: تَمَعْدَدُوا واخشوشنوا؛ واحتفوا، واركبوا وارموا، ولأن تَرْمُوا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا وَرُبَّمَا أُسْنِدَ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

وَفِي قَوْلِهِ " تَمَعْدَدُوا " تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: انْتَسَبُوا إِلَى معدٍّ وَعَدْنَانَ.

وَالثَّانِي: تَكَلَّمُوا بِلِسَانِ مَعَدٍّ وَعَدْنَانَ.

وفي قول: " وَاخْشَوْشِنُوا " تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: كُونُوا فِي أُمُورِكُمْ خُشُنًا أَجْلَادًا.

وَالثَّانِي: الْبَسُوا أَخْشَنَ الثِّيَابِ.

وَفِي قَوْلِهِ: " وَاحْتَفُوا " تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: امْشُوا حُفَاةً.

وَالثَّانِي: حُفُّوا شَوَارِبَكُمْ.

(فَصْلٌ:)

فَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ، فهم مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ إِنْ قُصِدَ بِهِ أُهْبَةُ الْجِهَادِ، ومباح إن قصد به غير؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عُدَّةً لِلْجِهَادِ، وَيَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ فِي الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ، مِنْهُمْ وَمِنَ السُّلْطَانِ عَلَى مَا سَنَصِفُهُ.

وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ مَنَعَ مِنَ أَخْذِ الْعِوَضِ عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ، فَمِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِهِ مَنْ أَنْكَرَهُ مِنْ مَذْهَبِهِ، وَجَعَلَهُ مُوَافِقًا.

وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ أَخْرَجَهُ السُّلْطَانُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ جَازَ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ الْمُتَسَابِقُونَ الْمُتَنَاضِلُونَ لَمْ يَجُزِ اسْتِدْلَالًا بِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَى لَعِبٍ، فَأَشْبَهَ أَخْذَهُ عَلَى اللَّهْوِ وَالصِّرَاعِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَخْذُ مَالٍ عَلَى غَيْرِ بَدَلٍ، فَأَشْبَهَ الْقِمَارَ.

وَدَلِيلُنَا: قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا سَبْقَ إِلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حافرٍ أَوْ نصلٍ " فَلَمَّا اسْتَثْنَاهُ فِي الْإِبَاحَةِ دَلَّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِالْعِوَضِ، وَلَوْلَا الْعِوَضُ لَمَا احْتَاجَ إِلَى الِاسْتِثْنَاءِ لِجَوَازِ جَمِيعِ الِاسْتِبَاقِ بِغَيْرِ عِوَضٍ.

وَرُوِيَ أَنَّهُ سُئِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " أَكُنْتُمْ تُرَاهِنُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015