فصار على قولين، فأما الهيام هو مِنْ دَاءِ الْبَهَائِمِ وَذَلِكَ أَنْ يَشْتَدَّ عَطَشُهَا حَتَّى لَا تَرْتَوِيَ مِنَ الْمَاءِ فَقَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ مانع؛ لأنه داء مؤثر في اللحم. التضحية بالعجفاء
وَمِنْهَا الْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنَقَّى وَالْعُجْفَةُ فَرْطُ الْهُزَالِ الْمُذْهِبِ لِلَّحْمِ، وَالَّتِي لَا تُنَقَّى، وَالَّتِي لَا مُخَّ لَهَا لِلْعَجَفِ الَّذِي بِهَا، وَالنِّقَا هُوَ الْمُخُّ.
قَالَ الشَّاعِرُ:
(أَذَابَ اللَّهُ نِقْيَكِ فِي السُّلَامَى ... عَلَى مَنْ بِالْحَنِينِ تُعَوِّلِينَا)
فَإِنْ كَانَ الْعَجَفُ الَّذِي بِهَا قَدْ أَذْهَبَ نِقْيَهَا لَمْ يَجُزِ الْأُضْحِيَّةُ بِهَا سَوَاءٌ كَانَ الْعَجَفُ خِلْقَةً أَوْ مُزْمِنًا، وَإِنْ لَمْ يُذْهِبْ نِقْيَهَا نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ عَجَفُهَا لِمَرَضٍ لَمْ تُجْزِئْ، وَإِنْ كَانَ خِلْقَةً أَجْزَأَتْ؛ لِأَنَّهُ فِي المرض داء وفي الخلقة غير داء. التضحية بمعيبة الأذن
(فَصْلٌ:)
وَقَدْ رُوِيَ فِي النَّوَاهِي غَيْرُ حَدِيثِ الْبَرَاءِ، فَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمَذَانِيِّ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " لَا يُضَحّى بمقابلةٍ وَلَا مدابرةٍ وَلَا شَرَقًا وَلَا خَرَقًا ".
فَأَمَّا الْمُقَابَلَةُ: فَهِيَ الَّتِي قُطِعَ مِنْ مُقَدَّمِ أُذُنِهَا شَيْءٌ.
وَأَمَّا الْمُدَابَرَةُ: فَهِيَ الَّتِي قُطِعَ مِنْ مُؤَخَّرِ أُذُنِهَا شَيْءٌ.
وَأَمَّا الشَّرْقَاءُ: فَالْمَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ بِالطُّولِ.
وَأَمَّا الْخَرْقَاءُ: فَالَّتِي فِي أُذُنِهَا ثُقْبٌ مُسْتَدْبِرٌ، وَإِنْ كان هذا قد أذهب من الأذن شيء لَمْ يُجْزِئْ فِي الضَّحَايَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَفْسَدَ مِنْهَا عُضْوًا، وَإِنْ لَمْ يُذْهِبْ مِنْ أُذُنِهَا شيء لِاتِّصَالِ الْمَقْطُوعِ بِهَا كَرِهْتُ لِلنَّهْيِ وَإِنْ أَجْزَأَتْ.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا يُجْزِئُ مَعَ اتِّصَالِ الْمَقْطُوعِ بِهَا لِأَنَّهُ بِالْقَطْعِ قَدْ فَسَدَ، وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا، فَصَارَ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِلِ فَصَارَ نَقْصُ الْأُذُنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:
أَحَدُهَا: مَا مَنَعَ مِنْ جَوَازِ الْأُضْحِيَّةِ، وَهُوَ مَا أَذْهَبَ بَعْضَهَا.
وَالثَّانِي: مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهَا، وَهُوَ مَا لَمْ يُذْهِبْ شَيْئًا مِنْهَا.
وَالثَّالِثُ: مَا اخْتُلِفَ فِيهِ، وَهُوَ مَا قَطَعَ فَاتَّصَلَ، وَلَمْ يَنْفَصِلْ.
وَقِيلَ لَا يَمْنَعُ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ وَإِنْ قُطِعَ جَمِيعُهَا لِأَنَّ الْأُذُنَ غَيْرُ مَأْكُولٍ.