حَكَى ابْنُ قُتَيْبَةَ: أَنَّ مُدَاوَمَةَ أَكْلِ لُحُومِ السَّوَادِ تُحْدِثُ مَوْتَ الْفُجَاءَةِ، وَقَدْ حَكَى حَرْمَلَةُ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي أَلْوَانِ الْغَنَمِ حُوًّا، وَقَهْبًا، وحلساً، وقمراً، وسفعاً، ورقشاً، وزبداً فالحو هِيَ السُّودُ الَّتِي خَالَطَهَا حُمْرَةٌ.
وَالْقَهْبَاءُ: هِيَ الْبَيْضَاءُ الَّتِي خَالَطَهَا حُمْرَةٌ.
وَالْحَلْسَاءُ: الَّتِي ظَهْرُهَا أَحْمَرُ وَعُنُقُهَا أَسْوَدُ وَالْقَمَرُ الَّتِي فِي وَجْهِهَا خطط بِيضٌ وَسُودٌ.
وَالسَّفْعَاءُ: الَّتِي نَجِدُهَا لَوْنٌ يُخَالِفُ لونها.
والرقشاء: المنطقة بِبَيَاضٍ وَسَوَادٍ وَالزَّبْدَاءُ: الَّتِي اخْتَلَطَ سَوَادُ شَعْرِهَا بِبَيَاضِهِ كَالْبَرْشَاءِ إِلَّا أَنَّ الْبَرْشَاءَ أَكْثَرُ اجْتِمَاعِ سَوَادٍ وَبَيَاضٍ، وَبَاقِي هَذِهِ الْأَلْوَانِ إِنْ ضَحَّى لَمْ يَكُنْ فِيهِ كَرَاهِيَةٌ وَإِنْ كَانَ مَا اخْتَرْنَاهُ مِنَ الْأَلْوَانِ أَفْضَلَ، فَمِنْهَا مَا كَانَ أَفْضَلَ لِحُسْنِ مَنْظَرِهِ، وَمِنْهَا مَا كَانَ أَفْضَلَ لِطِيبِ مَخْبَرِهِ؛ فَإِنِ اجْتَمَعَا كَانَ أَفْضَلَ.
وَإِنِ افْتَرَقَا كَانَ طَيِّبُ الْمَخْبَرِ أَفْضَلَ مِنْ حُسْنِ المنظر.
قال الشافعي: " وَزَعَمَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ جَلَّ ثناؤه {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهَ} اسْتِسْمَانُ الْهَدْيِ وَاسْتِحْسَانُهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمُ شَعَائِرَ اللهِ فَإنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ) {الحج: 32) عَلَى ثَلَاثَةِ أَقَاوِيلَ.
أَحَدُهَا: إِنَّ شَعَائِرَ اللَّهِ دِينُ اللَّهِ كُلُّهُ، وَتَعْظِيمُهَا الْتِزَامُهَا، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ.
وَالثَّانِي: إِنَّهَا مَنَاسِكُ الْحَجِّ، وَتَعْظِيمُهَا اسْتِيفَاؤُهَا، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ.
وَالثَّالِثُ: إِنَّهَا الْبُدْنُ الْمُشْعِرَةُ، وَتَعْظِيمُهَا اسْتِسْمَانُهَا، وَاسْتِحْسَانُهَا، وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَاخْتِيَارُ الشافعي وفي قوله {إِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ} ثَلَاثُ تَأْوِيلَاتٍ.
أَحَدُهَا: إِنَّهُ إِخْلَاصُ الْقُلُوبِ.
وَالثَّانِي: إِنَّهُ قَصْدُ الثَّوَابِ.
وَالثَّالِثُ: إِنَّهُ مَا أَرْضَى اللَّهَ تَعَالَى.
وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَنْ أَفْضَلَ الرِّقَابِ.
فَقَالَ: " أَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا ".
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: " لَا تَبْتَعِ إِلَّا مُسِنَّةً وَلَا تَبْتَعْ إِلَّا سَمِينَةً فَإِنْ أَكَلْتَ أَكَلَتْ طَيِّبًا وَإِنْ أَطْعَمْتَ أَطْعَمْتَ طَيِّبًا "، فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا عَلَى أَنَّ أَفْضَلَ