أَوْ غَيْرِهِ فَأَخَذَهُ مَكَانَهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْحَيَوَانَ يَتَنَوَّعُ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ، بَرِّيٍّ، وَبَحْرِيٍّ، وَمَا جَمَعَ بَيْنَ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ.
فَأَمَّا الْبَرِّيُّ، فَالْمَأْكُولُ مِنْهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ إِلَّا بِالذَّكَاةِ، سِوَى الْجَرَادِ وَحْدَهُ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ أَكْلُهُ مَيْتًا سَوَاءٌ مَاتَ بِسَبَبٍ أَوْ غَيْرِ سَبَبٍ.
رَوَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، الْمَيْتَتَانِ: الْحُوتُ وَالْجَرَادُ وَالدَّمَانِ: الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ ".
وَأَمَّا الْبَحْرِيُّ: فَيَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ، مُبَاحٌ وَمَحْظُورٌ، وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ. وَأَمَّا الْمُبَاحُ، فَهُوَ السَّمْكُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ، وَيَخْتَصُّ بِحُكْمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُبَاحُ الْأَكْلِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى الذَّكَاةِ وَيَحِلُّ أَكْلُهُ مَيْتًا، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْبَحْرِ: هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي إِبَاحَةِ أَكْلِهِ حَيًّا عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ حَيًّا حَتَّى يَمُوتَ؛ لِوُرُودِ السُّنَّةِ بِإِحْلَالٍ بَعْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ ذَكَاةٌ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحِلُّ أَنْ يُؤْكَلْ حَيًّا وَمَيْتًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى ذَكَاةٍ، وَلَيْسَ لَهُ حَالُ تَحْرِيمٍ فَعَمَّتْ فِيهِ الْإِبَاحَةُ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا إِذَا صَادَ سَمَكَةً، فَانْقَطَعَ بَعْضُهَا فِي يَدِهِ وَأَفْلَتَ بَاقِيهَا حَيًّا، هَلْ يَحِلُّ أَكْلُ مَا انْقَطَعَ مِنْهَا؛ عَلَى وَجْهَيْنِ: ذَكَرَهُمَا ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَحِلُّ لِقَوْلِ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ما أبين من حيٍّ فهد ميتٌ " يعني محرماً؛ لأنه مَوْتَهُ قَدْ عُلِمَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّهُ يَحِلُّ أَكْلُهُ، لِأَنَّ صَيْدَ الْبَحْرِ لَا يَحْرُمُ بِالْمَوْتِ فَاسْتَوَى حُكْمُ مَا أُخِذَ مِنْ حيٍّ وَمَيْتٍ، وَلَوْ وَجَدَ سَمَكَةً فِي جَوْفِ سَمَكَةٍ حَلَّ أَكْلُهُمَا مَعًا، مَا لَمْ تَنْفَصِلِ الدَّاخِلَةُ، فَإِنِ انْفَصَلَتْ حَتَّى تَقَطَّعَتْ وَتَغَيَّرَ لَوْنُ لَحْمِهَا، فَفِي إِبَاحَةِ أَكْلِهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَحِلُّ أَكْلُهَا كَمَا يَحِلُّ لَوْ تَقَطَّعَتْ بِغَيْرِ صَيْدِهَا وَتَغَيَّرَتْ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْرُمُ أَكْلُهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ فِي حكم الرجيع والفيء، وَهَكَذَا أَكْلُ مَا فِي بُطُونِ السَّمَكِ مِنْ غِذَائِهِ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ.
(فَصْلٌ:)
وَأَمَّا الْحَرَامُ، وهو الضِّفْدِعُ، وَحَيَّاتُ الْمَاءِ، وَعَقَارِبُهُ، وَجَمِيعُ مَا فِيهِ من