بِقَدْرِ حِصَصِ شُرَكَائِهِ فِيهَا، وَيَصِيرُ مِلْكُهُ مِنْهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَحْبَلَهَا بِحُرٍّ في ملك ولا يخلوا فِي بَاقِيهَا مِنْ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِقِيمَتِهِ أَوْ مُعْسِرًا بِهِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِبَاقِيهَا قُوِّمَ عَلَيْهِ، كَمَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَصُ شُرَكَائِهِ لَوْ أَعْتَقَ قَدْرَ سَهْمِهِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ جَمِيعُ وَلَدِهِ حُرًّا؛ لِأَنَّهَا عُلِّقَتْ بِهِ فِي مِلْكٍ وَفِي شُبْهَةِ مِلْكٍ، وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ للولد؛ لأنها ولدتها فِي مِلْكِهِ، وَقَدْ صَارَ جَمِيعُهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهَا عُلِّقَتْ مِنْهُ بِحَرٍّ فِي مِلْكٍ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بِحِصَصِ شُرَكَائِهِ مِنْهَا لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ بَاقِيهَا، وَكَانَ مِلْكًا لِشُرَكَائِهِ فِيهَا، وَكَانَ قَدْرُ سَهْمِهِ مِنَ الْوَلَدِ وَهُوَ الْعُشْرُ، لِأَنَّ أَحَدَ الشُّرَكَاءِ الْعَشَرَةِ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ قَدْرُ مَا يَمْلِكُهُ مِنْهُ، كَمَا قَدْ صَارَ عُشْرُ الأم أم ولد في تَقْوِيمِ بَاقِي الْوَلَدِ عَلَيْهِ مَعَ إِعْسَارِهِ وَجْهَانِ:
أحدهما: لا يقوم عليه مع الإعسار، كما لا يقم عَلَيْهِ بَاقِي الْأُمِّ إِذَا كَانَ مُعْسِرًا، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ عُشْرُ الْوَلَدِ حُرًّا، وَبَاقِيهِ مَمْلُوكًا، وَعُشْرُ الْجَارِيَةِ أُمَّ وَلَدٍ وَبَاقِيهَا مَمْلُوكًا، وَإِنْ مَلَكَ بَاقِيَهَا مِنْ بَعْدُ بِابْتِيَاعٍ أَوْ مِيرَاثٍ كَانَ بَاقِيهَا عَلَى رِقِّهِ، وَلَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُقَابِلٌ لِرِقِّ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّهَا عُلِّقَتْ بِمَمْلُوكٍ فِي غَيْرِ مِلْكٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ مَعَ إِعْسَارِهِ، وَإِنْ لم تقوم عليه بقية الْأُمِّ بِإِعْسَارِهِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إنَّ الْحُرِّيَّةَ فِي الْوَلَدِ أَصْلٌ مُتَقَدِّمٌ، وَهِيَ فِي الْأُمِّ فَرْعٌ طَارِئٌ فَلَمْ تَتَبَعَّضْ حُرِّيَّةُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ لَا يَطْرَأُ عَلَى حُرِّيَّةٍ ثَابِتَةٍ، فَجَازَ أَنْ يَتَبَعَّضَ فِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ يَجُوزُ أَنْ يَطْرَأَ عَلَى رِقٍّ ثَابِتٍ، فَعَلَى هَذَا يَصِيرُ جَمِيعُ الْوَلَدِ حُرًّا، وَيَكُونُ عُشْرُ الْأُمِّ أُمَّ وَلَدٍ، فَإِنْ مَلَكَ بَاقِيَهَا مِنْ بَعْدُ، فَهَلْ تصير أم ولد له عَلَى قَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَوْلَدَهَا حُرًّا فِي غير ملك، والله أعلم.
: قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِنْ كَانَ فِي السَّبْيِ ابْنٌ وَأَبٌ لِرَجُلٍ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ حَتَّى يُقَسِّمَهُ وَإِنَّمَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ مَنِ اجْتَلَبَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ وَهُوَ لَوْ تَرَكَ حَقَّهُ مِنْ مَغْنَمِهِ لَمْ يُعْتَقْ عليه حتى يقسم (قال المزني رحمه الله) وإذا كان فيهم ابنه فلم يعتق منه عليه نصيبه قبل القسم كانت الأمة تحمل منه من أن تكون له أم ولد أبعد "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا: أَنْ يَكُونَ فِي السَّبْيِ الْمُسْتَرَقِّ أَحَدُ مَنْ يُعْتَقُ بِالْمِلْكِ عَلَى الْغَانِمِينَ مِنْ وَالِدَيْهِ أَوْ مَوْلُودَيْهِ، كَالْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ، فَلَهُ فِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: حَالٌ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَحَالٌ يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَحَالٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا.
فَأَمَّا الْحَالُ الَّتِي لَا تعتق عَلَيْهِ فِيهَا فَهُوَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَالْغَانِمُونَ عَدَدٌ كَثِيرٌ لَا يَنْحَصِرُونَ وَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ قَدْرُ سَهْمِهِ مِنْهُ، فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَإِنْ مَلَكَ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ فِي سَهْمِ غيره.