وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ الْعَقْلُ، فَلَا يَتَوَجَّهُ فَرْضُ الْجِهَادِ إِلَى مَجْنُونٍ وَمَنْ لَا يَصِحُّ تَمْيِيزُهُ وَتَحْرِيرُهُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ، وَلِأَنَّ حُضُورَهُ مُفْضٍ لِقِلَّةِ تَمْيِيزِهِ
إِمَّا إِلَى الْهَزِيمَةِ.
وَإِمَّا إِلَى إِلْقَاءِ نَفْسِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَكِلَاهُمَا ضَرَرٌ.
فَإِذَا اسْتُكْمِلَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ الْأَرْبَعَةُ فِي مُسْلِمٍ كَانَ مَنِ اسْتُكْمِلَتْ فِيهِ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ وَتَوَجَّهَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ إِلَيْهِ سَوَاءً كَانَ يُحْسِنُ الْقِتَالَ أَوْ لَا يُحْسِنُ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ يُحْسِنُ الْقِتَالَ حَارَبَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ كَثَّرَ وَهِيبَ أَوْ تَخَلَّفَ عَنِ الْوَقْعَةِ لِحِفْظِ رِحَالِ الْمُحَارِبِينَ، فَكَانَ لِخُرُوجِهِ مَعَهُمْ تَأْثِيرٌ.
وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لِلْعَبِيدِ فِي الْجِهَادِ إِذَا خَرَجُوا مَعَ سَادَاتِهِمْ أو بإذنهم.
ويأذن في خروج ذوات غير الْهَيْئَاتِ مِنَ النِّسَاءِ، لِمُدَاوَاةِ الْجَرْحَى وَتَعْلِيلِ الْمَرْضَى وَإِصْلَاحِ الطَّعَامِ، فَقَدْ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَلِكَ فِي غَزَوَاتِهِ، وَيَأْذَنُ فِي خُرُوجِ مَنِ اشْتَدَّ مِنَ الصِّبْيَانِ، لِأَنَّهُمْ أَعْوَانٌ، وَلَا يَأْذَنُ فِي خُرُوجِ الْمَجَانِينِ لِأَنَّ خُرُوجَهُمْ ضَارٌّ
فَأَمَّا الْبُلُوغُ فَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ هَاهُنَا، وَقَدْ قَدَّمْنَا شَرْحَهُ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ وَغَيْرِهِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ